مفهوم التعلم المتمازج أو التعلم المدمج
ما رأيكم بفنجان من القهوة الممزوج من أفضل أنواع البن؟ أو ما رأيكم بكوب من العصير الممزوج من أفضل أنواع الفاكهة العضوية؟
ولكن ما علاقة القهوة والعصير بالعملية التعليمية التعلمية؟ لا تتفاجئوا! نعم، أنتم في مدونة الكادر العربي الخاصة بالتعلم والتعليم ولستم في مدونة تتحدث عن وصفات الأكل الشهية! وسيقدم لكم اليوم مزيجًا رائعًا، ليس من المشروبات بل مزيجًا يُثري ويدعم تعلم الطلبة ألا وهو التعلم المتمازج (Blended Learning).
مع تطور التكنولوجيا وتأثيرها على جميع جوانب حياتنا اليومية، كان قطاع التعليم والتعلم من القطاعات التي تأثرت كغيرها من القطاعات الأخرى، وكان الحل الأبرز للتغلب على التحديات الناجمة عن التعلم عن بعد هو الاستفادة من أفضل التطبيقات والممارسات في التعلم وجهًا لوجه ومزجها مع المميزات والتطبيقات والممارسات الجديدة في التعلم الإلكتروني للتوصّل إلى تعلم متمازج حقيقي وجاذب ومثير للاهتمام أي الوصول إلى تعلم متمازج.
مفهوم التعلم المتمازج أو التعلم المدمج
طريقة لتقديم التعليم تجمع بين الموارد والفرص المتاحة عبر الإنترنت وأساليب التدريس وجهًا لوجه. فالتعليم المتمازج (وجهاً لوجه مع التعلم الإلكتروني) يُثري الأنشطة المُقدّمة للطلبة كما يُثري طريقة توصيل المحتوى.
التعليم المتمازج ليس مفهومًا جديدًا لأنه يعتمد في جوهره على فكرة أن الطلبة يتعلمون بشكل مختلف، حيث يتعلم بعض الطلبة بشكل أفضل باستخدام الورقة والقلم بينما يتعلم آخرون بشكل أفضل باستخدام التكنولوجيا، فالتعلم المتمازج يركز على قيام المعلمين بالتنويع في أساليب التدريس حيث يُدرّس بعض المعلمين بشكل أفضل باستخدام أداة دون أخرى، وهنا يظهر لكم جليًا وجود التعلم المتمازج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني الحديث من خلال استثمار طرق التعلم واستراتيجياته مع الوسائل المتنوعة لتقديم تجربة تعلم فاعلة لجميع الطلبة.
أهمية التعليم المتمازج
- يتبع التعلم المتمازج في تعليم الطلبة نهج تفريد التعليم Personalized Approach)) حيث يتم مراعاة احتياجات الطلبة جميعًا على اختلافها.
- يقدم التعلم المتمازج الدروس باستخدام التكنولوجيا والتدريس وجهًا لوجه اي مزج طرق التعلم واستراتيجياته المختلفه فقد تعمل مجموعة صغيرة واحدة من الطلبة في نشاط علمي مع المعلم أو المعلمة، بينما تقرأ مجموعة أخرى حول نفس الموضوع عبر الإنترنت.
- يوفر التعلم المتمازج المرونة لكل من المعلمين والطلبة على النحو الآتي:
- تتيح البيئة المتمازجة للمعلمين الفرصة للقيام بمهام متعددة حيث تُعتبر الأجهزة الرقمية بمثابة معلم مساعد لهم في الغرفة الصفية.
- يمكن للطلبة التعلم وفقًا لسرعتهم الخاصة وبشكل مستقل مع التأمل والتفكير في عملهم ومناقشته مع معلميهم في وقت معين يتحدد من قبلهم ومن قبل معلميهم.
- يوفر التعلم المتمازج للطلبة تجارب عملية مشابهة لبيئة العمل الواقعية للتعلم منها.
إذًا لنتفق أن طريقة التعلم المتمازج توفر أفضل ما في التعلم وجهًا لوجه والتعلم الإلكتروني. والآن، سنسلط الضوء على كيفية تقديم تجربة تعلم متمازجة من خلال الأنشطة بالإضافة إلى التركيز على أبرز الممارسات التي يمكن استخدامها لتقديم تعلم متمازج.
لتقديم تجربة تعلم متمازجة وناجحة عليكم في البداية تحديد الأنشطة التي يمكن تقديمها للطلبة وجهًا لوجه وتنفيذها من قبل الطلبة داخل الغرفة الصفية والأنشطة التي يمكن تقديمها للطلبة إلكترونيًا. ولمساعدتكم على تقديم هذه التجربة الناجحة أجيبوا عن الأسئلة الآتية عند تخطيطكم لتقديم تعلم متمازج:
- ما الأنشطة التي يجب على الطلبة القيام بها قبل الحصة الدراسية لمساعدتهم على الاستعداد للحصة وجهًا لوجه؟
- ما الأنشطة التي يجب على الطلبة القيام بها أثناء الحصة وجهًا لوجه؟
- ما الأنشطة التي يجب على الطلبة إكمالها بعد الدرس لمتابعة التعلم الذي تم تغطيتها أثناء الحصة وجهًا لوجه؟
أعزاءنا القراء بعد إجابتكم عن الأسئلة السابقة، يمكنكم البدء بالتخطيط لتقديم دروس متمازجة من خلال تحديد ما يمكن تقديمه من محتوى تعليمي وأنشطة في كل من الحصص المُقدمة وجهًا لوجه والحصص الإلكترونية.
أفضل ممارسات التعلم المتمازج
يتميز التعلم المتمازج في قدرته على كسر روتين تعلم الطلبة لأنه يمزج بين ممارسات التعلم وجهاً لوجه والتعلم الإلكتروني وفيما يأتي أفضل ممارسات التعلم المتمازج:
- تصميم دروس التعلم المتمازج لتحقيق نتائج محددة للتعلم من خلال التركيز على نتائج التعلم وليس على أحدث التقنيات.
- مزج طرق التعلم واستراتيجياته مع الوسائل التي يرتاح لها الطلبة من خلال اختيار ما يناسبهم من المزيج المكون من التكنولوجيا والعنصر البشري.
- طلب المعلمين المشورة من الخبراء أو المشرفين خلال تصميم دروس التعلم المتمازج التي تجمع بين التعلم وجهاً لوجه والتعلم الإلكتروني.
- تصميم دروس التعلم المتمازج حيث تتوافق مع نتاجات المباحث الدراسية المختلفة.
- التنويع في مصادر التعلم الرقمية المستخدمة في التعلم المتمازج.
- مشاركة تجارب وخبرات التعلم المتمازج من خلال مجتمعات التعلم الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي التي تُسهم في توسيع آفاق التعلم خارج الحدود وضمان تجربة تعليمية أكثر إثراءً وإرضاءً.
- تجهيز الطلبة للتعلم المتمازج من خلال بناء الثقة والراحة وتوفير التوجيه والدعم.
عند الحديث عن التعلم المتمازج قد يتساءل البعض: هل يوجد نماذج للتعلم المتمازج؟ وما هو النموذج الأنسب للصف الدراسي؟ في الحقيقة هناك العديد من نماذج التعلم المتمازج التي تختلف حسب المحتوى وأعداد الطلبة ومصادر التكنولوجيا المتوفرة ومساحات التعلم وما إلى ذلك.
نماذج التعلم المتمازج
أولًا: وجهًا لوجه (Face to Face)
- يُشبه هذا النموذج التعلم وجهاً لوجه بشكل كبير لكن بدلاً من حضور الطلبة إلى الغرفة الصفية بشكل فعلي يقوم الطلبة بتسجيل الدخول إلى الحصة الإلكترونية عبر تطبيقات التواصل مثل تطبيق زوم (Zoom).
- في هذا النموذج يَقُود المعلمون عملية التعلم بشكل إلكتروني ويقومون بأدوارهم كمقدمين للمحتوى وموجهين وميسرين لعملية تعلم الطلبة إلكترونيًا.
- يتم تحديد الواجبات والمهام من قبل المعلمين لكي يقوم بها الطلبة بشكل فردي أو جماعي أثناء الحصة الإلكترونية أو بعد انتهائها.
ثانيًا: الدوران (Station Rotation)
- في هذا النموذج يتم انتقال الطلبة ضمن جدول زمني ثابت مُحدّد من قبل المعلمين ومُتفق عليه مع مجموعة مُحدّدة من الطلبة.
- يُنظّم هذا النموذج التعلم المُقدّم بين الحصص وجهًا لوجه والتعلم الإلكتروني بهدف تحسين تعلم الطلبة ودعم تعلمهم.
- يُستخدم هذا النموذج غالبًا مع الطلبة المتعثرين خاصة طلبة الصفوف الثلاث الأولى.
- يتم إعداد حصص إلكترونية تستهدف مهارة أو أكثر يجب على الطلبة تطويرها بهدف تحسين مستوى تعلم الطلبة في الحصص المُقدمة وجهًا لوجه.
ثالثًا: المرن (Flex Blended Learning)
- في هذا النموذج يُعدّ تقديم الحصص الإلكترونية أساسًا لتقديم التعلم للطلبة.
- في هذا النموذج يتم تقديم بعض الحصص وجهًا لوجه لمجموعات تعلم صغيرة من الطلبة.
- يُستخدم هذا النموذج غالبًا مع طلبة المرحلة الثانوية الذين يَصعُب عليهم الحضور بشكل منتظم للمدارس لمتابعة تعلمهم.
- في هذا النموذج يتحكم الطلبة بمسار تعلمهم واختيار ما يتعلمونه وعلى المعلمين هنا توجيه وإرشاد طلبتهم للحصول على تجربة تعلم أفضل.
رابعًا: الصفوف الدراسية المقلوبة (Flipped Classroom)
- يساهم هذا النموذج في جعل التعلم متمحورًا حول الطلبة من خلال تنظيم المحتوى الذي يُعطى وجهًا لوجه وإلكترونيًا حيث يقوم المعلمون بتزويد الطلبة بالمواد التعليمية والعروض التقديمية والفيديوهات التوضيحية إلكترونيًا قبل الانتقال إلى الحصة وجهًا لوجه.
- في هذا النموذج يقوم المعلمون بإرسال المحتوى المطلوب إلكترونيًا للطلبة للتعرف على المفاهيم أو الأفكار أو المعلومات التي سيتم مناقشتها والعمل عليها في الحصة وجهاً لوجه وهذا من شأنه أن يعطي المعلمون فرصة أكبر لاستخدام التعلم النشط وأنشطته في الحصص وجهًا لوجه مما يضمن دمج الطلبة في عملية تعلمهم.
في نهاية المقال، لا بد من التأكيد على أن التعلم المتمازج يسمح للمعلمين بتوظيف التكنولوجيا بقوة في صفوفهم الدراسية مما يساهم في تحقق النتاجات التعليمية الخاصة بالطلبة وبذلك يتمكن الطلبة من تعلم المحتوى الدراسي بعمق. ضعوا دائمًا في أذهانكم أن التكنولوجيا بأدواتها وتطبيقاتها لن تَحِل محلكم بل وجودها بين أيديكم ستمكنكم من تقديم تجربة تعليمية فريدة حديثة وفاعلة لطلبتكم.