التفكير الناقد Critical Thinking

التفكير الناقد Critical Thinking

من منكم لا يعرف قصة نيوتن والتفاحة؟

قصة تفاحة نيوتن هي القصة الأكثر شعبية على الإطلاق، رويت هذه القصة من قِبل فولتير (Voltaire) وتحكي القصة أن نيوتن كان يجلس تحت شجرة وسقطت عليه تفاحة ومنها بدأ في البحث حول السبب الذي جعل هذه التفاحة تسقط إلى الأسفل ولم تطر إلى السماء أو تقف مكانها معلقة في الهواء مثلًا.

جميعكم تعرفون هذه القصة أليس كذلك؟

لكن، ماذا لو أن نيوتن لم يفكر كثيرًا في سقوط التفاحة إلى الأسفل واكتفى بالتفكير السطحي والبسيط؟ ما تأثير ذلك علينا؟

هل سيتم اكتشاف سر الجاذبية الأرضية؟

التفكير الذي استخدمه نيوتن في تحليل سبب سقوط التفاحة إلى الأسفل هو التفكير الناقد وهو التفكير الذي ساعد نيوتن لاحقًا على الوصول إلى قانون الجاذبية الأرضية.

وعليه نستنتج أن التفكير الناقد عملية عقلية في غاية الأهمية، ولهذا السبب تحديدًا نشجعكم على قراءة هذا المقال لأنكم في نهايته ستصبحون قادرين على تنمية هذه العملية العقلية لدى طلبتكم.

هيا بنا.

مفهوم التفكير الناقد

يُعرّف التفكير الناقد بأنه عملية عقلية تشمل تطبيق وتحليل وتقييم المعلومات التي تتجمع وتتولد لدى الفرد من الملاحظة والخبرة، وهو تفكير نظامي وواضح وعقلاني ومنطقي ومتفتح ومدعوم بالأدلة والبراهين.

من هنا ندرك أن التفكير الناقد عملية عقلانية تعتمد على الأخذ بالمعطيات والأدلة والبراهين للوصول إلى نتائج حقيقة غير متحيزة.

مهارات التفكير الناقد

حدد باير (Beyer) مجموعة مهارات للتفكير الناقد يُمكن تلخيصها بالآتي:

  • التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها أو التحقق من صحتها وبين الادعاءات التي لا أصل لها.
  • التمييز بين المعلومات والأسباب ذات العلاقة بموضوع ما وتلك التي لا ترتبط به.
  • تحديد مصداقية مصادر المعلومات.
  • تحديد دقّة الخبر والتأني في الحكم عليه.
  • معرفة الحجج الغامضة والمتداخلة.
  • معرفة الافتراضات الضمنية في النص.
  • معرفة المغالطات المنطقية.
  • تحديد درجة قوة البرهان أو الادعاء.

فكروا قليلًا، هل تمتلكون مهارة أو أكثر من هذه المهارات؟ إذا كانت إجابتكم نعم، هنيئًا لكم فأنتم تمتلكون مهارات التفكير الناقد، وهذا يساعدكم كثيرًا على تطوير هذه المهارات لدى طلبتكم.

طرق تعليم التفكير الناقد

قد يتساءل بعضكم، هل يمكننا تعليم الطلبة مهارة التفكير الناقد؟

الإجابة هي نعم، فالتفكير الناقد كغيره من أنواع مهارات التفكير التي يمكن تعليمها وتنميتها لدى الطلبة وهذا ما أشرنا له في مقال كيف نفكر؟

لتعليم طلبتكم مهارة التفكير الناقد يمكنكم استخدام مجموعة من الطرق التعليمية، هل تريدون معرفة هذه الطرق؟

الطريقة (1): تقنية تقييم الحصة Classroom Assessment Techniques

في هذه الطريقة تقومون بتوجيه طلبتكم في نهاية الحصة إلى الإجابة عن مجموعة من الأسئلة لمدة دقيقة على ورقة خارجية ومن الأمثلة على هذه الأسئلة:

  • ما الشيء الأكثر أهمية الذي تعلمتوه في هذه الحصة؟
  • ما رأيكم في حصة اليوم؟
  • ما هي اقتراحاتكم لتحسين الحصة؟

وبعد ذلك تختارون بعضًا من إجابات طلبتكم وتعرضونها في الحصة القادمة، هذه الطريقة تساعدكم على تحفيز طلبتكم على التفكير بشكل ناقد فيما تعلموه، جربوها ولن تندموا.

الطريقة (2): دراسة الحالة Case Study

في هذه الطريقة تقومون بتقديم قصة أو حالة دون أن تنتهي بخاتمة، ثم تتبعون هذه القصة أو الحالة بعدد من الأسئلة التي تقود طلبتكم إلى بناء خاتمة لها.

الطريقة (3): أسئلة القارئ Reader’s Questions

في هذه الطريقة تكلفون طلبتكم بقراءة ما حول موضوع الدرس، ثم تطلبون منهم أن يكتبوا أسئلة حول الموضوع الذي قاموا بقراءته، بالطبع أنكم تتساؤلون: ماذا سنفعل بالأسئلة التي كتبها الطلبة؟

تستطيعون استخدام هذه الأسئلة في بداية الحصة وقد تستخدمون بعضها  لإثراء النقاشات الصفية، هذه الطريقة تنمي التفكير الناقد لدى طلبتكم بالإضافة إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم، لأنكم عندما تطرحون أسئلة قام الطلبة بكتابتها سينعكس ذلك إيجابًا على ثقة طلبتكم بأنفسهم.

الطريقة (4): الكتابة والمناقشة Writing and Discussion

في هذه الطريقة تكلفون طلبتكم بالكتابة حول موضوع مهم في حياتهم، ثم مناقشة الطلبة في كتاباتهم.

أدوار المعلمين في تعليم التفكير الناقد

الأمر المسلم به أن لعملية التعليم مكونين رئيسيين هما:

  1. سلوك المعلمين
  2. سلوك الطلبة

ومن المعروف أن لسلوك المعلمين الدور الأساسي في إنتاج الفكر والسلوك والأخلاق عند الطلبة، وهذا ما ركز عليه روجرز (Rogers) في كتابه “كيف تصبح إنساناً”، حيث ركز على عاملين مهمين في سلوك المعلمين يعملان على بناء مفهوم إيجابي عند الطلبة وهما: الصحة النفسية للذات، والحرية النفسية فالمعلمون عندما يقبلون الطلبة كما هم من دون شروط، وحينما يخلقون جوًا يتقبلون فيه مشاعر الآخرين ويفهمون ذواتهم، ولا يستندون في تقويمهم للطلبة إلى معايير خارجية هم بذلك يشجعون على التفكير الناقد.

من هنا يتضح أن للمعلمين دور مهم في تعليم التفكير الناقد للطلبة، وسنلخص لكم هذه الأدوار في النقاط الآتية:

  • التخطيط لعملية التعليم.
  • تهيئة البيئة الصفية التي تشجع الطلبة على التعبير عن الرأي والاستكشاف الحر والتعاون والثقة بالنفس.
  • تصميم المواد والأنشطة التعليمية التي تضع الطلبة في مواقف حقيقة وتركز على كيفية تعاملهم مع هذه المواقف وحلها.
  • توفير مصادر المعرفة المختلفة للطلبة وتزويدهم بها، لمساعدتهم على حل المشكلات التي تواجههم وتجنب تقديم حلول وإجابات جاهزة لهم.
  • طرح الأسئلة المفتوحة والسابرة على الطلبة، حيث أن هذا النوع من الأسئلة يتطلب تبرير من الطلبة الأمر الذي يشجعهم على التفكير بعمق للوصول إلى الإجابات.

أنتم النموذج والقدوة للتفكير الناقد

حتى تكونوا النموذج والقدوة لطلبتكم في القدرة على التفكير الناقد يجب أن تتصفوا بعدة صفات هي:

  • منفتحو الذهن بحيث تشجعون طلبتكم على تبني أفكارهم الخاصة والدفاع عنها وعدم التقيد بأفكار الآخرين حتى وإن كانت هذه الأفكار أفكاركم كمعلمين.
  • غير متشددين بالمواقف وخاصة عندما تكون الأدلة واضحة ومتناقضة مع مواقفه والاعتراف بالخطأ عند الضرورة.
  • تبدون الاهتمام لتعلم طلبتكم.
  • حساسون لمشاعر طلبتكم ومستوى معرفتهم ودرجة ثقافتهم.
  • تسمحون لطلبتكم بالمشاركة في وضع القوانين واتخاذ القرارات المتعلقة بكل جوانب التعلم.

هل تمتلكون أيًا من هذه الصفات؟

النشاطات التعليمية المقترحة لتنمية التفكير الناقد

إليكم سلسلة من النشاطات التي يُمكنكم استخدامها لتنمية التفكير الناقد لدى طلبتكم.

  • إدارة نقاشات ومناظرات في مواضيع عامة، حيث يقدم الطلبة آرائهم التي تحمل وجهات نظر مختلفة وتبني كل مجموعة وجهة نظر معينة تدافع عنها في مواجهة الرأي الآخر.
  • استخدام لعب الأدوار في القضايا التي تحمل نزاعات ما.
  • تشجيع الطلبة على حضور الاجتماعات أو مشاهدة برامج التلفاز التي تقدم وجهات نظر مختلفة.
  • تشجيع الطلبة على الكتابة بشأن موضوع مهم في حياتهم ومناقشة ما يكتبون.
  • تشجيع الطلبة على تحليل مقالات الصحف وإيجاد أمثلة عن التحيز أو التعصب.
  • تشجيع الطلبة على طرح أسئلة لها إجابات متعددة.
  • تشجيع الطلبة على قراءة الأدب الذي يعكس قيمًا وتقاليد مختلفة ومناقشة ذلك.
  • دعوة مهتمين بالقضايا العامة “يحمل كل منهم وجهة نظر مختلفة” ومناقشتهم.

معيقات توظيف التفكير الناقد في الغرفة الصفية

هناك بعض الممارسات التي قد تصدر منكم أحيانًا داخل الغرفة الصفية بشكل غير مقصود تؤدي إلى إعاقة تنمية التفكير الناقد لدى الطلبة ومن هذه الممارسات:

  • القيام بسلوكيات تعليمية سلبية مثل: اعتماد أسلوب المحاضرة معظم الوقت.
  • مقاطعة الطلبة أثناء الإجابة على الأسئلة المطروحة.
  • توبيخ الطلبة الذين يفشلون في الإجابة.
  • الاقتصار على تقديم التغذية الراجعة السلبية للطلبة.
  • الابتعاد عن استخدام أسلوب تعزيز الطلبة.
  • التركيز على عدد محدود من الطلبة في الغرفة الصفية.
  • رفض الأسئلة الغريبة أو الأسئلة الخارجة عن موضوع الدرس.
  • طرح أسئلة من النوع الذي يتطلب مهارات التفكير الدنيا.
  • تزويد الطلبة بمعلومات ومطالبتهم باستيعابها وحفظها.
  • فحص مدى تحقق التعلم عن طريق اختبارات تتطلب غالبًا حفظ المعلومات واختزانها واستدعائها.

ماذا يحدث؟ لماذا يعتبر هذا الأمر مهم؟ لماذا يعتبر أمرًا غير مهم؟ كيف حدث ذلك؟ ماذا تعرفون وكيف توصلتم إلى الإجابة؟

هذه الأسئلة وغيرها الكثير قد تبدو بالنسبة لكم كأسئلة عادية ولكنها أسئلة في غاية الأهمية لماذا؟ لأنها تنمي لدى طلبتكم واحدة من أهم مهارات التفكير وهي مهارة التفكير الناقد، لذلك يجب عليكم عدم الاستهانة بأي سؤال قد تطرحونه على الطلبة، لأن إجاباتهم هي التي ستحدد لكم ولهم مدى امتلاكهم لمهارات التفكير المختلفة ومن بينها مهارة التفكير الناقد.

المراجع

أحدث المواضيع