طرق تحسين الوعي الذاتي Ways to Improve Self-Awareness

قائد السفينة لا يمكن أن يقود سفينته ويبحر فيها دون أن يكون على معرفة بقدراته وأهدافه وإحداثيات وجهته وكيف يوصل من معه بسلام، وقائد المدرسة هو كقائد السفينة يجب أن يكون على وعي بذاته ومهاراته التي تساعده على النجاح في قيادة مدرسته ويسعى إلى تحسينها باستمرار، وقد أشرنا في مقال لماذا هو مهم؟ إلى تعريف الوعي الذاتي وأهميته ومجالاته، وسيتم في هذا المقال تعريفكم على مراحل بناء الوعي الذاتي، وطرق الكشف عن مستوى الوعي الذاتي لديكم والطرق التي تسهم في تحسين وزيادة الوعي الذاتي.

مراحل بناء الوعي الذاتي

لكي تتمكنوا من قيادة مدارسكم والنجاح في اتخاذ القرارات الصائبة من المهم لكم أن تكونوا على إدراك ومعرفة أكثر حول كيفية بناء الوعي الذاتي لديكم الذي يمر بمرحلتين هما:

1. مرحلة الإدراك والتمييز

في هذه المرحلة تحددون سماتكم الشخصية وحاجاتكم ومعتقداتكم ومشاعركم العاطفية، مثلًا أحد مدراء المدارس لا يتعامل بعدل مع المعلمين ويُميّز الممارسات غير العادلة التي يقوم بها مثل السماح لأحد المعلمين بعدم الكتابة على دفتر التحضير ورفض هذا الأمر من باقي المعلمين.

2. مرحلة الاختيار والقرار

في هذه المرحلة تعملون على تبني اتجاهات مُعيّنة وتقومون بالسلوكيات المُرتبطة بالاتجاهات المُختارة، مثلًا يُقرر مدير/مديرة المدرسة أن تحيُّزه لهذا المعلم خاطئ ويؤثر على سير العمل الأمر الذي يدفعه لتعديل ممارسته ومعاملة جميع المعلمين الذين لا يستخدمون دفتر التحضير بنفس الطريقة.

يمكننا النظر إلى الوعي الذاتي بأنه القدرة على التوليد المستمر لمعلومات ذات جودة عالية عن أنفسنا كما أنه يمثل عادة الانتباه إلى الطريقة التي نفكّر ونشعر بها ونتصرف بناءً عليها فالوعي بالذات يعني الانتباه ومحاولة معرفة المزيد حول أنفسنا وذواتنا. 

السؤال هنا، كيف يمكنكم العمل على تحسين ورفع مستوى الوعي الذاتي لديكم؟ هناك عدة طرق ووسائل تُساعدكم على ذلك؛ للتعرف عليها استمروا في قراءة المقال.

طرق الكشف عن مستوى الوعي الذاتي

أولًا: نافذة جوهاري (Johari Window)

ما هي نافذة جوهاري (Johari Window)؟ كيف يمكن أن تساعدكم في الكشف عن أنفسكم؟ وكيف يمكن تطبيقها؟ هذه الأسئلة الثلاثة نجيبكم عليها في هذا الجزء من المقال.

نافذة جوهاري (Johari Window) تُساعدكم على زيادة التركيز والوعي بذاتكم وتُحسِّن من تواصلكم مع الآخرين وطرق التعامل معهم، وضعها كل من من جوزف لوفت وهاري إنجهام (Joseph Luft & Harry Ingham) عام 1955، ويطلق عليه اسم جوهاري (Johari) المُكوّن من المقطع الأوّل لاسم صاحبيها (Jo&Hary).  وتتألّف هذه النافذة من أربعة مناطق تُشكّل أربعة نوافذ تُطلّون من خلالها على ذواتكم وعلى الآخرين وهي كالآتي:

المنطقة المفتوحة (The Public Arena)

تُمثّل كل ما تعرفونه عن أنفسكم ويعرفه أيضًا الآخرون عنكم مثل المواهب والصفات الشخصية البارزة والهوية والمستوى العلمي وما تملكونه من مهارات، وكلما قلت مساحة هذه النافذة فإن ذلك يعني قلت وعيكم بذاتكم وضعف تواصلكم مع الناس الآخرين.

المنطقة العمياء (The Blind Spot)

تُمثّل ما تجهلونه عن أنفسكم، ويعرفه الآخرون عنكم مثل أن تتسم ممارستكم وتنفيذكم للمهام بالبطئ وهذا ما يعرفه الآخرون عنكم دون أن تكونوا على تقدير ومعرفة ووعي بهذه النقطة، وكلما قلت مساحة هذه المنطقة كان ذلك أفضل لكم.

المنطقة الخفيّة (The Private Individual)

تُمثّل ما تعرفونه عن أنفسكم، ولا يعرفه الآخرون عنكم مثل اتجاهاتكم الدينية أو السياسية أو أموركم المالية وكلما قلت مساحة هذه المنطقة وزادت مساحة المنطقة المفتوحة كان هذا أفضل للكشف عن الذات.

المنطقة المجهولة (The Area of Potential)

تُمثّل ما تجهلونه عن أنفسكم وما يجهله الآخرون عنكم وتُعرف بالمنطقة غير المكتشفة مثل شجاعة التصرف في مواقف معينة، وكلما صغرت مساحة هذه المنطقة كان ذلك مؤشرًا على اكتشاف أنفسكم ومعرفة مهاراتكم وقدراتكم.

إذا أمعنا النظر في محتوى هذه النوافذ نجد أن كلٌ منا لديه هذه المناطق غير أن مساحة كل منطقة تختلف من فردٍ إلى آخر، فنجد على سبيل المثال أن الأفراد المنفتحون لديهم منطقة مفتوحة واضحة وواسعة ويتمتّعون بفهم مُعمق لذواتهم، في حين أن الأفراد المنغلقون لديهم منطقة مجهولة واسعة ومستوى وعيهم بذواتهم منخفض؛ وبناءً على ذلك، من المهم أن تعملوا على توسيع المنطقة المفتوحة لديكم وتضييق المنطقة المجهولة وذلك من خلال طلب التغذية الراجعة من الزملاء والأشخاص المقربيّن والكشف عن الذات للآخرين.

الشكل الآتي يوضح لكم نافذة جوهاري (Johari Window):

الآن، بعد التعرف على نافذة جوهاري (Johari Window) يمكنكم اختبار أنفسكم والتعرف على مستوى وعيكم بذاتكم من خلال تحديد مجموعة من الصفات في كل منطقة ضمن هذه النافذة.

ثانيًا: مصفوفة وعي الفرد بكفاياته

يزداد وعيكم بذاتكم من خلال التقدم في الوعي بكفاياتكم من الربع الأول إلى الربع الثاني فالثالث فالرابع من مصفوفة وعي الإنسان بكفاياته، ولا يُمكّنكم تحقيق مرحلة قبل الأخرى من هذه المراحل، وغالباً ما يُصاحب التقدم في هذه المراحل شعوركم بالتفوق والرضا عما تُحققونه من تطور في كفاياتكم، ولا تتمكنون من تطوير كفاياتكم إلاّ بعد أن تكونوا على معرفة ودراية بسلبيات عدم امتلاككم لهذه الكفايات وأهميتها بالنسبة لكم، يمكنكم من خلال المصفوفة الآتية أن تحددوا موقعكم في أي مربع الآن، وأن تحددوا كيف يمكنكم العمل على التطوير والتحسين المستمر.

طرق زيادة مستوى الوعي الذاتي

نقدم إليكم مجموعة من الطرق التي تُمكنّكم من زيادة وتحسين مستوى الوعي الذاتي لديكم:

• طلب التغذية الراجعة من الزملاء

أسألوا زملاءكم كيف يرونكم في مواقف معينة واطلبوا منهم تغذية راجعة في جوانب محددة، هذه طريقة تساعدكم على تحسين أنفسكم وتطويرها وتعطيكم تصورًا واضحًا عن نظرة الآخرين إليكم والانطباعات التي تتركونها عندهم.

• التواصل مع الذات

قيّم ذاتك وتحدث إلى نفسك حول تصوراتك لذاتك ومعرفتك بقدراتك ومشاعرك واتجاهاتك وذلك من خلال:

• الحديث مع الذات وقد يكون من خلال تحدثكم مع أنفسكم بطريقة إيجابية أو سلبية.
  • مراجعة الذات ويكون من خلال تقييمكم لأدائكم ومواقفكم وخططكم لتحديد مدى التقدم الذي تُحرزونه نحو أهدافكم.
  • تعزيز الذات وتحفيزكم لأنفسكم للقيام بالمهام الموكلة إليكم من خلال إطلاق مجموعة من العبارات التشجيعية لأنفسكم.

• كتابة التأمّلات الذاتية

يُساعدكم التأمل وكتابة تأملاتكم اليومية الذاتية على تحليل سلوككم واتجاهاتكم أثناء عملكم، مما يُسهم في زيادة مستوى وعيكم بذواتكم وتنمية قدراتكم على رفع كفاياتكم المختلفة.

في النهاية، أنتم بحاجة لتحديد مستوى وعيكم بذاتكم ومعرفة من أنتم وإلى ماذا تطمحون لأنه يقع على عاتقكم أن تُلهموا المعلمين والطلبة في مدرستكم ليكونوا أفضل مما هم عليه وتتمكنوا أنتم من تحقيق النجاح والرضا في مسيرتكم الشخصية والمهنية، لذا سارعوا في اتباع هذه الطرق لرفع مستوى الوعي الذاتي لديكم.