الأخطاء المفاهيمية لدى الطلبة Students’ Misconceptions
الأخطاء المفاهيمية لدى الطلبة
هل حدث وصادفتم يومًا طالبًا أو طالبةً يمتلكون مصطلحات أو معلومات أو مفاهيم خاطئة؟
هل تساءلتم عن مصدرها؟
كيف تعاملتم معها؟
من الطبيعي أن يقع طلبتكم أثناء تعلمهم في العديد من الأخطاء المفاهيمية اﻟﺘﻲ تشير إلى وجود خلل أو مشكلة في تعاملهم مع المحتوى التعليمي، فقد يأتي الطلاب إلى غرفكم الصفية بفهم خاطئ مسبق وقد يحدث أحيانًا أن يقعوا في الأخطاء المفاهيمية أثناء عملية تعلمهم أو حتى بعدها لذلك عليكم أن تتوقعوا الأخطاء المفاهيمية التي يمكن أن تحدث معهم وتعملوا ﻋﻠﻰ اكتشاف هذه الأخطاء وتبدأوا بتصحيحها.
اكتشاف الأخطاء المفاهيمية والتعامل معها ليس بالأمر السهل لذا فإن هذا المقال سيساعدكم حتمًا على تحقيق هذه العملية بنجاح.
ما هي مصادر هذه الاخطاء الشائعة لدى الطلبة؟
دعونا نتفق أن الأخطاء المفاهيمية تتمثل بوجود مفاهيم وأفكار ومعارف ﻓﻲ البنية المعرفية لدى الطلبة إلا أن هذه المفاهيم والأفكار والمعارف لا تتفق مع المعرفة العلمية الصحيحة ولا تمكنهم من شرح واستقصاء المعلومات بطريقة علمية صحيحة.
ومن المؤكد أن طلبتكم يأتون إلى الغرفة الصفية وفي جُعبتهم تصورات وأفكار منها ما هو صحيح ومنها ما هو خاطئ عن الظواهر والمفاهيم التي تحيط بهم وفي كثير من الأحيان تتعارض هذه التصورات والأفكار مع التصور العلمي المقبول، وتتميز تلك التصورات بالانتشار بين اﻟﻄﻠﺒﺔ في كافة مراحل التعليم وتُعيق هذه التصورات تعلم المفاهيم الجديدة مما يؤدي إلى حدوث أخطاء الفهم.
مثلًا في مادة اللغة العربية يحدث لدى التلاميذ خلط بين الاسم والفعل هذا الأمر يعد خطأً مفاهيميًا وعدم قدرتهم على التمييز بين (الـ) الشمسة و(الـ) القمرية أيضًا خطأً مفاهيميًا وكذلك الأمر في الخلط بين رقم (2) والرقم (6) في الرياضيات؛ جميع ما سبق وأخطاء أخرى عديدة، لكن، من أين تنشأ هذه الأخطاء وما هو مصدرها؟
تمثل النقاط الآتية أهم مصادر الأخطاء المفاهيمية لدى الطلبة:
- أساليب تدريس المفاهيم: حيث تفتقر أساليب تدريس المفاهيم التقليدية إلى اكتشاف أخطاء الفهم وتعديل هذه اﻷﺧﻄﺎء.
- عدم ربط التعلم بالواقع.
- أساليب التقييم التقليدية: تؤدي أساليب التقييم التقليدية إلى وضع علامة الطالب دون التحقق من فهم المتعلم واكتشاف أخطاء الفهم لديه.
- فصل المواد عن بعضها البعض: حيث تُدرّس كمباحث مختلفة (الرياضيات، اللغة العربية، الكيمياء، الفيزياء، الأحياء… إلخ) دون توضيح التكامل فيما بينها.
- الثقافة السائدة ﻟﺩﻯ المجتمع: حيث يتناقل أفراد المجتمع والأسرة بعض التفسيرات والأفكار الخاطئة التي تؤدي بدورها إلى تطور الأخطاء المفاهيمية لدى الأبناء.
إلا أن هناك مصدر مختلف من مصادر الأخطاء ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ لن يخطر على بالكم أبدًا ويجب عليكم التفكير فيه…
هذا المصدر هو أنتم، لا تتفاجؤا! أثبتت الدراسات أن بعض المعلمين الذين لا يقومون بتطوير وتنمية معارفهم ولا يتلقون التدريب المناسب يمكن أن يكون لديهم فهم خاطئ عن بعض المفاهيم بسبب قلة تدريبهم أو بسبب عدم إلمامهم بآخر التطورات العلمية المرتبطة بالمواضيع التي يُدرّسونها وهذا الأمر ينعكس حتمًا على طلبتهم وحتمًا سيكونون السبب الكامن وراء الأخطاء المفاهيمية لدى طلبتهم.
والآن، بعد أن تعرفتم على مصادر الأخطاء المفاهيمية ننتقل إلى السؤال الأهم وهو:
ما هي أساليب اكتشاف وتشخيص الأخطاء المفاهيمية لدى الطلبة؟
يوجد العديد من الأساليب التي تساعدكم على اكتشاف أخطاء الفهم لدى طلبتكم ومن هذه الأساليب:
- الاختبارات القبلية: إعطاء الطلبة اختبارًا قبليًا ومن خلال الإجابة عن أسئلة الامتحان يتم الكشف عما لدى الطلبة من اخطاء قبل البدء بعملية تعلمهم.
- الخرائط المفاهيمية: إعطاء الطلاب مجموعة من المفاهيم والطلب منهم عمل شبكة مفاهيمية لتوضيح العلاقات التي تربط المفاهيم مع بعضها البعض وبالتالي يتم معرفة ما إذا كان ﻟﺪى الطلبة أخطاء مفاهيمية.
- المناقشات الصفية: تتيح المناقشات الصفية للطلبة فرصة التعبير عن أفكارهم حول مفهوم ما ومناقشة صحة الأفكار التي تم طرحها حول هذا المفهوم.
- تحليل بناء المفهوم: عرض أكثر من مفهوم أمام الطلبة وتكليف الطلبة بتحديد المفاهيم التي يعرفونها مسبقًا وتفسير هذه المفاهيم وفق معرفتهم السابقة.
تعرفتم على مصادر الأخطاء المفاهيمية وأساليب الكشف عنها، وبالتأكيد تسألون أنفسكم كيف يمكن التعامل مع الأخطاء المفاهيمية وتجاوزها.
يتم تجاوز الأخطاء المفاهيمية في عملية التعلم والتعليم من خلال عملية التغيير المفاهيمي التي تعني تفاعل المعرفة الجديدة مع المعرفة السابقة الموجودة لدى الطلبة من أجل دمجها في الإطار المفاهيمي وهي عملية تغيير الفهم الخاطئ للمفهوم لدى الطلبة بالشكل الذي يؤدي إلى تصحيح الخطأ بالمفهوم وإحلال المفهوم الصحيح مكانه.
نعرفكم أعزاءنا القراء على أحد النماذج الأساسية للتعرف على الأخطاء المفاهيمية وتجاوزها ألا وهو نموذج درايفر (Driver)
نموذج درايفر (Driver) للتعرف على الأخطاء المفاهيمية لدى الطلبة وتجاوزها
يمكن تجاوز أخطاء الفهم التي تبنى عند الطلبة باستخدام نموذج روسالند درايفر (Rosalind Driver) وهو واحد من نماذج التربية الخاصة بالفلسفة البنائية القائم على تفسير الطلبة للظواهر ومدى استيعاب تلك الظواهر في ضوء الخبرة السابقة. يشير هذا النموذج التربوي إلى أنه من الصعب إحداث تغيير في المفاهيم الخاطئة الموجودة عند الطلبة باستخدام طرق اعتيادية في التدريس، ويشدد على ضرورة استخدام الأفكار البنائية في التدريس من خلال إعادة الطلبة إلى المفهوم الأولي أو إلى نقطة البداية لقياس مقدرتهم الفردية على تفسير جملة من المفاهيم ومحاولة ربطها بمفهوم سابق وبذلك يتم تجاوز مشكلات تغيير المفاهيم عبر الخبرة السابقة للطلبة.
يستند نموذج درايفر (Driver) على الفلسفة البنائية لتسهيل إحداث التغيير المفاهيمي ويتم تطبيق هذا النموذج وفق مراحل متسلسلة يمكن توضيحها على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: التوجيه Orientation
الغرض الأساسي من هذه المرحلة هو تهيئة أذهان الطلبة للدرس الجديد وتشويقهم إليه، حيث يقتصر دور المعلمون في هذه المرحلة على عرض الأنشطة أو النماذج عن المحتوى لتوجيه أفكار الطلبة إليها وتحفيزهم على استرجاع المعلومات العلمية التي سبق وأن تعلموها أو أثارت اهتمامهم.
أي أن التوجيه في هذه المرحلة توجيه سريع ومختصر لتعريف وتهيئة الطلبة لما سيتعلمونه مما يثير تفكير ودافعية الطلبة نحو التعلم ويحفز فضولهم العلمي.
المرحلة الثانية: الكشف عن الأفكار Elicitation of Ideas
الغرض الأساسي من هذه المرحلة هو تقصي (تشخيص) الأفكار الخاطئة لدى الطلبة حيث يُعِد المعلمون مجموعة من الأسئلة التي تساعدهم على إظهار ما لدى الطلبة من معلومات ثم يقوم الطلبة بالإجابة عن الأسئلة من المعلومات السابقة لديهم وبعد ذلك تظهر الأخطاء المفاهيمية كما تظهر مبرراتهم الخاصة التي يستخدمها الطلبة في الدفاع عن أفكارهم الخاطئة وهذا يُسهل تطبيق الإجراءات والأنشطة والأهداف الواجب اتباعها في المرحلة اللاحقة للتوصل إلى تصحيح المفاهيم ذات الفهم الخاطئ لدى الطلبة.
المرحلة الثالثة: إعادة صياغة الأفكار Restructuring of Ideas
في هذه المرحلة يتواصل الطلبة من خلال عرض المفاهيم ضمن مجموعات التعلم للتصدي لأخطاء الفهم لدى أفراد المجموعة فيحاول كل فرد من أفراد المجموعة تعديل أفكاره مع أفراد مجموعته من خلال التجريب وعمل أنشطة يكتشفون من خلالها وبالتدريج التناقض بين ما يمتلكونه في بنيتهم المعرفية وما توصلوا إليه ثم يعيدون صياغة الأفكار صياغة صحيحة ثم تقوم كل مجموعة بعرض النتائج مما يؤدي إلى قيام الطلبة بإعادة صياغة ما يسمعون وقيامهم بمقارنته مع غيره من النتائج، وهذا يساعدهم على إدارة أفكارهم والتأمل فيها وتحسينها بطريقة فاعلة تعطي نتائج جيدة.
المرحلة الرابعة: تطبيق الأفكار Application of Ideas
تُثبّت هذه المرحلة المعلومات وتعززها مما يزيد ثقة الطلبة بأنفسهم ويمنحهم القوة للمضي في التعلم حيث يعزز الطلبة بناء وصياغة الأفكار الجديدة باستخدامها من جديد في مواقف مألوفة وجديدة من خلال تطبيقهم للمعلومات التي حصلوا عليها في المرحلة السابقة لزيادة استيعابها ووضوحها لديهم. وتساعد هذه المرحلة المعلمين على الوقوف على النقاط التي لم يستوعبها الطلبة استيعابًا جيدًا.
المرحلة الخامسة: مراجعة التغيير في الأفكار Review of Ideas
تعكس هذه المرحلة مدى تحسن أداء الطلبة واستيعابهم للأفكار من خلال طرح المعلمين لمجموعة من الأسئلة حول المفاهيم التي سبق ذكرها خلال الدرس ويستطيعون من خلال إجابات الطلبة التعرف على مدى استيعابهم وتعديلهم لأفكارهم مقارنة بإجاباتهم الأولية بالإضافة إلى تنبيههم إلى أخطائهم ومحاولة تصحيحها لديهم من خلال تقديمه التغذية الراجعة لهم مما يثبّت المعاني والارتباطات المرغوب فيها ويُصحح الأخطاء لديهم ويهذب الفهم الخاطئ وهذا يؤدي إلى زيادة ثقة الطلبة بأنفسهم ويدفعهم لتركيز جهودهم وانتباههم مما يزيد من مدة احتفاظهم بالمادة التعليمية، وتركز هذه العملية على تزويد الطلبة بمعلومات عن مدى تقدمهم نحو تحقيق نتاجات التعلم.
في ختام هذا المقال، نؤكد لكم أعزاءنا المعلمين أن وﺟﻮد عدد من المفاهيم الخاطئة الشائعه لدى طلبتكم أمر وارد الحدوث إلا أن علاج هذا الأمر من خلال تحديد واكتشاف هذه الأخطاء والتعامل معها وتجاوزها وتصحيحها ضرورةٌ حتمية وواجبٌ عليكم نحو طلبتكم لماذا؟ لأن وجود مفاهيم ومصطلحات خاطئة سيؤثر بكل تأكيد على تحصيل طلبتكم، تستطيعون الاستفادة بكل تأكيد مما تم طرحه في هذا المقال كما يمكنكم إعداد واستخدام أساليب أخرى مختلفة كالتلخيص مثلًا من قبل طلبتكم والاختبارات القصيرة وأسئلة الاستنباط التعرف على المفاهيم الخاطئة لدى الطلبة؛ المهم هنا هو معرفة هذه المفاهيم والتعامل معها مهما اختلفت الوسيلة التي تستخدمونها.