التعلم المبني على حل المشكلات

استراتيجية التعلم المبني على حل المشكلات

 Problem Solving-Based Learning

تُسهم المباحث الدراسية المختلفة في تقديم العديد من المعارف والحقائق والنظريات المرتبطة بواقع الحياة للطلبة، وليتمكن الطلبة من دراستها بشكل فعّال يجب أن تُدرّس بطريقة تمكّنهم من تطوير أساليب التفكير المنطقي للتعامل مع المشكلات الواقعية وتزيد من قدرتهم على اتخاذ القرارات في القضايا المختلفة.

لذا يجب على المعلمين أن يقوموا بتدريس الطلبة من خلال توظيف استراتيجيات وأنشطة تدريس مناسبة تهدف إلى تنمية مهارات التفكير العليا لدى الطلبة، لذلك تسعى المؤسسات التعليمية إلى تدريب المعلمين على توظيف استراتيجيات التدريس الحديثة ومنها حلّ المشكلات. يُعتبر التعلم المبني على حل المشكلات إحدى الاستراتيجيات الفعّالة في الدروس لتنمية مهارات التفكير العليا لدى الطلبة.

ما المقصود باستراتيجية التعلم المبني على حل المشكلات؟

حل المشكلات عملية يستخدم فيها الطلبة ما لديهم من معارف مكتسبة ومهارات سابقة من أجل الاستجابة لمتطلبات موقف غير مألوف لديهم وتكون الاستجابة بإجراء ما يستهدف حل التناقض أو اللبس أو الغموض الذي يتضمنه الموقف.

وأشار المركز الوطني لنتاجات التعليم أن حلّ المشكلات استراتيجية شاملة تحوي العمليات المعرفية وفوق المعرفية وما تتضمّنها من مهارات. وفي التدريس يُعتبر أسلوب حلّ المشكلات أسلوباً مهماً في التعلّم ويشمل تحديد المشكلة، وطرح سؤالها البحثي، ثم جمع المعلومات وتحديد الصلة بينها، ثم اختيار خطة من البدائل لحلّ المشكلة، ثم تنفيذ الحل، وفي النهاية التحقّق من الحل.

ما هي فوائد توظيف استراتيجية التعلم المبني على حل المشكلات؟

يُعدّ التعلّم المبني على حلّ المشكلات من أبرز الأساليب التي يتم من خلالها تدريس معظم المواد الدراسية وبالأخص الرياضيات والعلوم لما يتّصفا به من طابع مُجرّد يحتاج إلى تجزئة وتقسيم من أجل تناول الأجزاء وفهمها وتطبيقها والحكم عليها وفق معايير مُحدّدة للوصول إلى ما هو جديد. وتتلخص أبرز الفوائد التي يُقدّمها حلّ المشكلات في التدريس بصفة عامّة في النقاط الآتية:

  • إضفاء صفة البساطة على المنهج كما في الطرح المُباشر للمواضيع.
  • البناء على المعرفة الحالية والتعلّم السابق والفهم العميق بصورة بنائية.
  • إثارة اهتمام الطلبة وتشجيعهم على تحدّي المشكلة وإتمام حلها.
  • تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو العلم.
  • صقل مهارات البحث العلمي لدى الطلبة وإضفاء صفة الباحث عليهم.
  • تنمية التفكير والممارسة، والمرونة والإبداع، والتشارك والتعاون لدى الطلبة.

ما هي المهارات المكتسبة عند توظيف التعلم المبني على حل المشكلات؟

  • التفكير المنطقي: حيث يقوم الطلبة بحلّ المشكلات ضمن خطوات علمية متسلسلة تُساهم في تنظيم التفكير للوصول إلى الحل المُناسب.
  • الابداع والابتكار: حيث يُساهم التعلّم بواسطة حلّ المشكلات في قيام الطلبة بإيجاد حلول مبتكرة للمشاكل مما يُعزز التعلّم ويُنمّي قدرات الطلبة.
  • التصورات الذهنية والتخيل: يزيد التعلّم المبني حلّ المشكلات من قدرة الطلبة على رسم صور ذهنية وتخيّل المشكلة وذلك يؤدّي إلى مُساعدتهم على الخروج بحلول مُتعدّدة.
  • المهارات العلمية: حيث يُنمّي التعلّم بواسطة حلّ المشكلات مهارات الطلبة في المواد المختلفة ويزيد من اندماج الطلبة في التعلّم.
  • مهارات ما وراء المعرفة: تُساهم المشكلات العلمية في تنمية مهارات الطلبة في التأمّل في تعلمهم وربط المعارف الجديدة بمعارفهم السابقة مما يؤدّي إلى الفهم العميق للمحتوى.

ما هي خطوات تنمية مهارات حل المشكلات لدى الطلبة؟

قدّم روبرت ستيرنبرغ (Robert Sternberg) نموذجاً يُوضّح دور المعلمين في إدارة تعليم الطلبة ضمن إطار حلّ المشكلات، فقد قام بالإشارة إلى بعض الخطوات التي ينبغي على المعلمين اتّباعها من أجل تنمية مهارات حلّ المشكلات لدى الطلبة كالآتي:

  • مراجعة المحتوى المُصمّم للتدريس: يتم مراجعة المحتوى من خلال القيام بالخطوات الآتية:
  • مُراجعة كيفية طرح المادة المُقرّرة (نص، صورة، نشاط، شكل، سؤال) حيثُ يختار المعلمون الطريقة المناسبة لطرح المشكلة ومناقشتها مع الطلبة.
  • مُراجعة الأهداف التعليمية.
  • تهيئة الجوّ المناسب للسير في خطوات حلّ المشكلة: ينبغي توجيه الطلبة للاندماج في حلّ المشكلات من خلال الآتي:
  • صياغة عدد من المشكلات تحتوي على سؤال رئيسي ترتبط الإجابة عنه بالواقع وتتّسق مع ميول وقدرات الطلبة.
  • صياغة مشكلات كعملية تحضيرية قبل بدء التدريس، وأثناء عملية التدريس يغتنم المعلمون من خلالها فرصة إكساب الطلبة خبرات مرتبطة بحياتهم العملية.
  • تحديد مجموعة من الأسئلة تقود الإجابة عليها الطلبة إلى إدراك أبعاد المشكلة والإجابة عن السؤال الرئيس.
  • تدريب الطلبة على تأمّل المشكلة من كافة جوانبها قبل السير في إجراءات الحل.
  • تدريب الطلبة على الخطوات الإجرائية والعمل على إيجاد حل للمشكلة قيد البحث.
  • مناقشة الطلبة في بدائل الحلول المقترحة من قبلهم.
  • توجيه الطلبة نحو عرض الحلول المقترحة.
  • تدريب الطلبة على توليد أكثر من حل واحد للمشكلة.
  • تكوين تعميمات عن حلّ المشكلة ليتم نقل أثر التعلّم إلى مواقف حياتية جديدة.
  • تقييم فاعلية حلّ المشكلة: ينبغي على المعلمين متابعة وتقويم أداء الطلبة في حلّ المشكلة بما يضمن إدراك الطلبة لقيمة حلها، وذلك إضافة إلى تقييم ذاتهم من حيث مدى نجاحهم في تصميم المشكلة وتوجيه أداء الطلبة في الحل.

نصائح عند تدريس مهارات حل المشكلات للطلبة

  • كونوا نموذجًا مفيدًا لطريقة حلّ المشكلات: في معظم الأحيان تبدو عملية حلّ المشكلات صعبة، فعلى المعلمين الظهور كمثال يُحتذى به للصبر والمثابرة واتباع نموذجاً منظماً لحلّ المشكلات.
  • درّسوا ضمن سياقات مُحدّدة: استخدموا مهارات حلّ المشكلات في سياق عملي من الدرس واربطوها بأمثلة من الحياة الواقعية، ولا تقوموا بتدريس مهارات حلّ المشكلات بصورة مُجردة أو لوحدها أبداً.
  • ساعدوا الطلبة على فهم المشكلة: يحتاج الطلبة إلى فهم الهدف النهائي من حلّ المشكلة، فمساعدة الطلبة على الإجابة عن السؤالين “ماذا؟ ولماذا؟” يجعل إجابة السؤال “كيف؟” سهلة جدًا.
  • خُذوا وقتكم: عند التخطيط لحصة صفية أو جلسة تعليمية، أعطوا الوقت الكافي لإتاحة الفرصة أمام الطلبة لفهم المشكلة وتحديد الهدف من حلها بشكل فردي وجماعي حيث يواجههم العديد من الأسئلة والإجابات، والأخطاء واكتشافها وتصويبها.
  • اسألوا واقترحوا: اسألوا أسئلة التنبؤ والتحفيز على التفكير مثل “ماذا لو …؟”، أو اشرحوا لماذا حدث مثل هذا الشيء في ظروف معيّنة، فهذا يُساعد الطلبة على تنمية مهارة التحليل والاستنتاج، وكذلك استخدموا الأسئلة التي تُساعد على التأمل في العمليات واختيار الاستراتيجية الأمثل لتحقيق هدف حلّ المشكلة.
  • اربطوا الأخطاء بإساءة الفهم: استخدموا الأخطاء كأدلة على إساءة الفهم وليس سوء الاختيار أو عدم الاهتمام، لذا يجب بذل الجهد الكافي لعزل الفهم المغلوط وتصويبه، وكلّفوا الطلبة بالقيام بمثل هذه العملية مراراً وتكراراً عند وقوع الطلبة في الخطأ ليتمكنوا من معرفة النقاط التي تم إساءة فهمها وليتم تجاوز أخطاء الفهم بنجاح.

ما هي خطوات حل المشكلات؟

أولًا: فهم المشكلة وقراءتها بتمعّن والتفكير في إجابات الأسئلة الآتية:

  • هل أستطيع صياغة المشكلة بلغتي؟
  • ما معطيات هذه المشكلة؟
  • ما المجاهيل فيها؟
  • ما المطلوب؟
  • ما المعلومات التي أحتاجها لحل المشكلة؟

ثانيًا: إعداد خطة لحل المشكلة من خلال التفكير في إجابات الأسئلة الآتية:

  • ما الطرق والخطوات لحل المشكلة؟
  • ما مدى مناسبة وملاءمة كل طريقة لطبيعة المشكلة؟

ثالثًا: تطبيق الخطة وتنفيذ الخطوات والطرق المناسبة لحل المشكلة ثم التفكير بإجابات الأسئلة الآتية:

  • ما المشكلات المشابهة التي أستطيع حلها بنفس الطريقة؟
  • كيف أستطيع تطبيق ما تعلمته من معرفة وخبرة جديدة في إيجاد حلول بديلة؟

رابعًا: التحقق والتأمل بالمشكلة والنتائج المترتبة على حلها للتحقق من صحة ومنطقية الحل المستخدم من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية:

  • ما مدى فاعلية ومنطقية الطريقة التي استخدمتها في حل المشكلة؟
  • هل سأحصل على نفس النتيجة في حال استخدمت طرق وأساليب أخرى؟

في نهاية المقال نود التأكيد على أن توظيف استراتيجية التعلم المبني على حل المشكلات (Problem solving –based learning) في العملية التعليمية التعلمية يتم من خلال مشكلة حقيقية وواقعية يعمل الطلبة على حلها حيث تساعدهم على اكتشاف المعارف والمهارات الجديدة اللازم تعلّمها خلال حل المشكلة المطروحة كما تشجعهم على التعلم الذاتي والفهم العميق.  يمكنكم التعرف على المزيد من استراتيجيات التدريس الحديثة من خلال قراءة المقالات الآتية:

مقال: استراتيجية التعلم النشط

مقال: استراتيجية التعلم التعاوني

المراجع +

 

 

أحدث المواضيع