الذكاء العاطفي الاجتماعي Social Emotional Intelligence

يُسهم الذكاء العاطفي الاجتماعي في زيادة قدرة المعلمين والطلبة على التكيف مع البيئة الصفية والمجتمع المدرسي الذي يعيشون فيه، ويساعد المعلمون على دمج الطلبة الذين يميلون إلى الجلوس منفردين أو لا يرغبون في مشاركة أصدقائهم الأنشطة الصفية من خلال مساعدتهم على فهم مشاعرهم ومشاعر الآخرين وتنمية ذكائهم العاطفي. فمعرفة المعلمين بالذكاء العاطفي وكيفية تنميته تُسهم في تحقيق الرفاهية وتقديم الدعم النفس اجتماعي للطلبة.

مفهوم الذكاء العاطفي الاجتماعي

يعرفه كل من ماير وسالوفي  (Mayer & Saloey) بأنه القدرة على مراقبة المشاعر والانفعالات الذاتية وانفعالات الآخرين، والتمييز بينها لتوجيه تفكير الفرد وأفعاله. وفي عام 2000 طورا المفهوم إلى القدرة على معالجة المعلومات العاطفية بما تتضمنه من إدراك واستيعاب وفهم وإدارة الانفعالات.

أهمية الذكاء العاطفي الاجتماعي

  • يساعد على التكيف الاجتماعي من خلال فهم الانفعالات الذاتية وانفعالات الآخرين والتعاطف معهم.
  • يحافظ على علاقات جيدة مع أفراد الأسرة والأصدقاء وأفراد المجتمع.
  • يساعد الفرد على وضع الأولويات المهنية والشخصية والاجتماعية.
  • يضبط حالات الغضب والانفعالات والمشاعر السلبية.
  • يقلل من الميل نحو العنف والعدوان بين أفراد المجتمع ويشيع المحبة والتعاطف بينهم.

ويرى دانيال جولمان (Daniel Goleman) أن الذكاء العاطفي الاجتماعي يدل أننا لدينا دماغان وعقلان – وذكاءان مختلفان: الذكاء المنطقي والعاطفي أي أن هناك:

  • عقل يفكر وعقل يشعر، وكلما كانت المشاعر أكثر حدة زادت أهمية العقل العاطفي وأصبح العقل المنطقي أقل فاعلية.
  • المشاعر ضرورية للتفكير والتفكير مهم للمشاعر فالعاطفة تغذي وتزود عمليات العقل المنطقي بالمعلومات والعقل يعمل على تنقية مدخلات العاطفة.
  • إذا تجاوزت المشاعر ذروة التوازن لا بد من إيجاد توازن بين التفكير المنطقي والعاطفة.

كما يؤكد جولمان (Goleman) في كتابه الذكاء العاطفي أن الدراسات الاستطلاعية وبحوث الدماغ تشير إلى أن العاملين الذين لديهم القدرة على فهم انفعالاتهم وإدارتها والتعامل مع مشاعر الآخرين بشكل جيد، هم متفوقون في جميع مجالات الحياة، فالذكاء المعرفي يشكل 20% من النجاح في الحياة المهنية، بينما نسبة 80% من النجاح في الحياة المهنية يعود لما يمتلكه الفرد من ذكاءات أخرى أهمها الذكاء العاطفي.

فكروا الآن بعد تعرفكم على مفهوم الذكاء العاطفي والاجتماعي، هل أصبحتم قادرين على تفسير انفعالاتكم وإدارتها والتعامل مع مشاعر الآخرين بشكل أفضل؟

نماذج الذكاء العاطفي ومكوناته

تناول عدد من الباحثين والمهتمين الذكاء العاطفي وتنوعت النماذج التي فسرت الذكاء العاطفي ومكوناته، وكان أبرزها ثلاثة نماذج، وهي: نموذج ماير سالوفي (Mayer & Salovey)، ونموذج جولمان (Goleman)، ونموذج بار–أون (Bar-On) هل تريدون معرفة هذه النماذج بالتفصيل؟ إذن تابعوا القراءة.

نموذج ماير وسالوفي Mayer & Salovey Model

عرفا الذكاء العاطفي بأنه: القدرة على مراقبة المشاعر والانفعالات الذاتية وانفعالات الآخرين، والتمييز بينها لتوجيه تفكير الفرد وأفعاله، وتعاملا مع الذكاء العاطفي على أنه مقدرة عقلية مثل أنواع الذكاء الأخرى. ويتكون النموذج لديهما من أربع قدرات هي:

  • القدرة على الوعي بالانفعالات والتعبير عنها بدقة: تعني قدرة الفرد على التعبير عن الانفعالات سواء من خلال الحركات أو ملامح الوجه أو الصوت أو الإشارات.
  • القدرة على استخدام الانفعالات لتسهيل عملية التفكير: تعني توظيف الانفعالات للمساعدة في زيادة التركيز أو التفكير بشكل إيجابي وتحسين التفكير.
  • القدرة على فهم وتحليل الانفعالات: تعني قدرة الفرد على تحليل الانفعالات وتسميتها وفهمها وتفسير معناها.
  • القدرة على إدارة الانفعالات: تعني القدرة على تنظيم الانفعالات وإدارتها لتكون معينة للفرد ومساعدة له على تطوير علاقاته مع الآخرين وتحسينها.

نموذج جولمان Goleman

عرّف الذكاء العاطفي على أنه مجموعة من المهارات الانفعالية التي يتمتع بها الفرد، واللازمة للنجاح في التفاعلات المهنية ومواقف الحياة المختلفة. وميز بين خمسة مكونات اجتماعية وعاطفية هي:

  • الوعي بالذات والمشاعر الذاتية (المعرفة الانفعالية): تتمثل بوعي الفرد بانفعالاته الذاتية وحالته المزاجية حيث إن وعي الفرد بالأفكار والمشاعر والانفعالات يسهم في القدرة على التحكم وضبط النفس. أما إذا كان الفرد غير قادر على إدراك مشاعره فمن الصعب إدراك مشاعر الآخرين.
  • إدارة الانفعالات: تتمثل بالقدرة على التحكم في العواطف وعدم السيطرة عليها والاستجابة للمشاعر بالشكل المناسب بعيدًا عن الاندفاع والمزاجية، وتتسم بالاتزان الانفعالي والتفكير الهادئ قبل الإقدام على أي أمر.
  • حفز الذات: تتمثل بالقدرة على تحفيز الذات والتفكير الإيجابي والقدرة على التحكم في الطباع الشخصية التي تعد دوافع داخلية تُسهم في تحقيق الغايات، أي إن الأشخاص المحفزين داخليًا هم أكثر حبًا للعمل والسعي لبلوغ الأهداف من خلال المثابرة والإصرار.
  • التعاطف: تتمثل بالقدرة على قراءة ومعرفة مشاعر الآخرين وإدراكها من صوتهم وتعابير الوجه وليس فقط من خلال القول. فالقدرة على التعاطف والتقمص تدفع الفرد إلى اتباع مبادئ أخلاقية معينة.
  • المهارات الاجتماعية: تتمثل بالقدرة على تكوين علاقات مع الآخرين والتفاعل معهم بفاعلية والقدرة على قيادتهم وبناء روابط اجتماعية وإدارة الصراع. فالمهارات الاجتماعية تشير إلى القدرة على فهم مشاعر الآخرين وانفعالاتهم ومراعاتها بالصورة التي يتطلبها الموقف. وهي تظهر في صورة القدرة في التأثير على الآخرين.

نموذج بار– أون Bar-On

عرّف الذكاء العاطفي على أنه منظومة من المهارات والكفايات الشخصية والانفعالية التي تؤثر على قدرة الفرد على التعامل الناجح مع متطلبات البيئة والضغوط المحيطة.

وصنف الذكاء العاطفي في خمسة أنواع فرعية وهي:

  • مهارة الكفاءة الشخصية (:(Intrapersonal تساعد الفرد على التعامل مع نفسه وتضم خمس مهارات فرعية وهي: فهم الذات الانفعالية، التوكيدية، وتقدير الذات، وتحقيق الذات، والمهارات الاستقلالية.
  • مهارة الكفاءة الاجتماعية (Interpersonal): تساعد الفرد على إقامة علاقات شخصية ناجحة وذات تأثير إيجابي على الآخرين، وتتضمن: مهارة التعاطف، ومهارة العلاقات الاجتماعية، ومهارة المسؤولية الاجتماعية.
  • مهارة إدارة الضغوط (Stress Management): تساعد الفرد على التحكم بالضغط النفسي وتتضمن مهارة تحمل الضغوط ومهارة ضبط الاندفاع. 
  • مهارة التكيف (Adaptability): تساعد الفرد على التكيف الناجح مع واقع البيئة ومتطلبات الحياة المختلفة وتتضمن: إدراك الواقع، والمرونة، وحل المشكلات.
  • مهارة كفاءة المزاج العام (General Mood): تساعد الفرد على إدراك وتغيير حالته المزاجية ورفع الدافعية وتتضمن: مهارة التفاؤل ومهارة ممارسة السعادة.

تنمية الذكاء العاطفي الاجتماعي لدى الطلبة

قد تتساءلون كمعلمين كيف يمكننا تنمية الذكاء العاطفي الاجتماعي لدى طلبتنا؟ بعد معرفة نماذج الذكاء ومكونات كل نموذج تستطيعون معرفة مشاعركم ومشاعر الأخرين وتفهمها والعمل على مساعدة طلبتكم في تنمية ذكائهم العاطفي باعتماد طرق عدة كما هو موضح في:

  • وضع مدونة سلوك مع الطلبة يتم الالتزام بها.
  • التركيز على الأنشطة المسرحية وأنشطة لعب الأدوار.
  • عقد حلقات نقاش تشاركية حول نقاط الخلاف.
  • حل النزاعات بين الطلبة من خلال الحوار وتقريب وجهات النظر.
  • تدريب الطلبة على التنفس الجماعي داخل الغرف الصفية.
  • تدريب الطلبة على العد إلى خمسة أو عشرة عند الانفعال.
  • تشجيع الطلبة على تدوين مذكراتهم والأحداث التي تمر بهم.
  • عمل مشروعات وأنشطة جماعية تسهم في إقامة علاقات اجتماعية.
  • تدريب الطلبة على مراعاة المصلحة الشخصية والجماعية.
  • تدريب الطلبة على تقييم النتائج المتأتية من تصرفاتهم.
  • مناقشة الأفعال الفردية بصفة جماعية.

النتائج المترتبة على تنمية الذكاء العاطفي الاجتماعي لدى الطلبة

اعتمادكم للطرق التي ذكرت في الأعلى ستنعكس بكل تأكيد على طلبتكم وتسهم في زيادة وعيهم وتنمية ذكائهم العاطفي الاجتماعي، ومن أبرز النتائج المترتبة على تنمية الذكاء العاطفي الاجتماعي لدى الطلبة الآتي:

  1. تبني الطلبة للسلوكيات الإيجابية والابتعاد عن السلوكيات غير المرغوبة.
  2. التحسن الملحوظ في الأداء الأكاديمي.
  3. الحد من العنف والسلوك العدائي.

والآن بعد أن تعرفتم مفهوم الذكاء العاطفي الاجتماعي، أهميته، نماذجه وطرق تطويره عند الطلبة، قفوا قليلًا وتأملوا السؤال الآتي: هل أنتم أذكياء عاطفيًا واجتماعيًا؟

حسنًا، لمساعدتكم على تحديد ما إذا كنتم تمتلكون الذكاء العاطفي والاجتماعي نقدم لكم خمس علامات تدل على تمتع بذكاء عاطفي اجتماعي عالي.

5 علامات تدل على ذكاء عاطفي اجتماعي عند الأشخاص

العلامة الأولى: القدرة على فهم وتحديد العواطف والمشاعر الخاصة بكم

الأشخاص الذين يملكون قدرًا عاليًا من الذكاء العاطفي الاجتماعي يتمتعون بإدراك ذاتي، حيث يُعرفون بقدرتهم العالية على فهم مشاعرهم، مما يجعل من السهل عليهم التعامل مع عواطفهم بطريقة صحيحة.

العلامة الثانية: القدرة على فهم عواطف ومشاعر الآخرين

الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء عاطفي اجتماعي يستخدمون الإدراك الذاتي لتحديد مشاعر الآخرين، وتسهل القدرة على فهم ما مشاعر الآخرين مهمة تقديم يد العون والمساعدة لهم، فهم يبادرون بطرح أسئلة تتيح للآخرين فرصة التعبير ورغباتهم بطلاقة ودون خجل.

هل تمتلكون أي من هاتين العلامتين؟ لنتابع.

العلامة الثالثة: جعل المحيطين بهم يشعرون بالسعادة

الأشخاص الذين يمتلكون ذكاء عاطفي اجتماعي علاي يمتلكون القدرة على التواصل مع الآخرين وجعلهم سعداء من خلال مراعاة مشاعرهم، حيث يميل هؤلاء الأشخاص إلى تذكر تفاصيل حياة الآخرين، مثل عملهم واهتماماته الأمر الذي يبعث على السعادة.

العلامة الرابعة: إدارة الأفكار

الأشخاص الأذكياء عاطفيًا واجتماعيًا يعلمون جيدًا أن الأفكار هي مجرد أفكار وليست حقائق، ما يساعدهم على تجنب الحديث عن بعض المواضيع أكثر من اللازم. فضلًا عن ذلك، يملك هؤلاء القدرة على فهم حقيقة أن الأفكار التي تجول في أذهان الآخرين هي السبب وراء الحالة النفسية التي يعيشونها، لذلك يعملون على التخلص من الأفكار السلبية غير المفيدة.

العلامة الخامسة: تقدير كل ما هو جيد

الأشخاص الذين يمتلكون الذكاء العاطفي الاجتماعي هم أشخاص يمتلكون التوازن والقدرة على تقدير كل ما يملكونه وما استطاعوا تحقيقه ومنع الأفكار والمشاعر السلبية من السيطرة على تفكيرهم.

والآن بعد قراءتكم لهذه العلامات بالتأكيد أصبحتم قادرين على معرفة ما إذا كنتم أشخاص يمتلكون ذكاء عاطفي واجتماعي.

في ختام هذا المقال نود تذكيركم أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الذكاء العاطفي الاجتماعي مهم للغاية في تسهيل النجاح، حيث أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يملكون سمات شخصية محددة عادة ما يتمتعون بحياة اجتماعية أفضل ويعيشون بسعادة. لذا، يجب أن تحرصوا على تنمية ذكائكم العاطفي والعمل على توظيف الاستراتيجيات والطرق المختلفة التي تُسهم في تنمية الذكاء العاطفي الاجتماعي لدى طلبتكم.

[read more]

المراجع

  • إبراهيم، سليمان عبد الواحد. (2010). الذكاءات المتعددة. نافذة على الموهبة والتفوق والإبداع. المنصورة –مصر. المكتبة العصرية.
  • جولمان، دانييال. (2000). الذكاء الانفعالي، ترجمة ليلى الجبالي. ط1. الكويت. سلسلة عالم المعرفة.
  • المروي، خالد. (2015). كيف تنمي الذكاء العاطفي. دمشق. دار المعالي للنشر والتوزيع.
  • جراد، ريم. (2001). الذكاء العاطفي للمعلم ودوره في حماية الأطفال المعرضين للخطر. رسالة ماجستير. دمشق. سوريا. جامعة تشرين.
[/read]

أحدث المواضيع