الفروق الفردية Individuals Differences

تأملوا العبارة الآتية: (One Size Fits All)

بعد تأملكم للعبارة لا بد وأنكم تتفقون أن هذه العبارة عامة وقديمة ولا تتماشى مع متغيرات القرن الحادي والعشرين ومتطلباته، فمن الصعب استخدام طريقة واحدة لإيصال محتوى التعلم لجميع الطلبة وذلك بسبب الفروقات والاختلافات بين الطلبة في الاستعدادات الجسدية والعقلية والانفعالية، بالإضافة إلى الفارق فيما يمتلكونه من معارف واتجاهات، والاختلاف في ميولهم، واهتماماتهم، وتفضيلاتهم في التعلم. لذا يوجد حاجة ماسّة لتحقيق العدل والمساواة في تقديم تعلم من أيدي معلمين محترفين يحرصون على تقديم تعلم يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين.

والآن، استعدوا لبدء رحلة التعرف على الفروق الفردية في هذا المقال بكافة تفاصيلها.

مفهوم الفروق الفردية

الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة؛ أي أنها صفات يتميز بها كل فرد عن غيره من الأفراد سواء كانت تلك السمات أو الصفات جسمية أم سلوكية. ولعل أشهر هذه الفروق تبدو في النمو أو الصفات الجسمية كالطول والوزن ونغمة الصوت وهيئة الجسم وهذه الفروق الجسمية خارجية ظاهرة للعيان والتي يمكن مُشاهدتها وهناك أيضا فروق كثيرة بين البشر في النواحي الإدراكية والانفعالية تحتاج  إلى ملاحظة حثيثة للسلوكيات الدالّة عليها.

تعريف الفروق الفردية من قبل علماء علم النفس 

مدى الفروق والاختلافات بين الأفراد وكيفية قياسها بفاعلية حيث يعتبر الفرد بالنسبة لعلم النفس نتاج لخبراته الخاصة التي كونها من تلقاء نفسه وهذه الخبرات والتجارب تختلف من شخص لآخر، كما تعرف الفروق الفردية  بأنها من الأشياء التي تظهر في جميع الكائنات وليس في الإنسان فقط.

أهمية الكشف عن الفروق الفردية

من منطلق أن الإنسان اجتماعي بالطبع، من البديهي ألا يستطيع أي إنسان العيش بمفرده في هذا الكون أو أن يستغني عن الناس الآخرين، فلا بد أن يجد من يختلف عنه ومن يختلف معه في صفة أو أكثر، وذلك من أجل اكتمال نظرته للعالم الذي يراه من زاويته فقط. لذا تكّمن أهمية الكشف عن الفروق الفردية في بناء حياة سليمة فردية اجتماعية تظهر في الأمور الآتية:

  • التنشئة والتربية: مُراعاة الفروق الفردية هي من أسس الصحة النفسية والتربية السليمة التي تقوم على الاعتراف بالفردية وأهمية كشفها وحُسن استغلالها وتوجيهها قدر الإمكان؛ لتكامل الحياة ونجاحها فالتربية السليمة تبدأ عندما تعتبر كل فرد غاية ووسيلة في حد ذاته ويجب أن تُستثمر مواهبه لتحقيق مبدأ التكامل والتضامن.
  • الإعداد المهني والوظيفي للحياة: تتطلب الحياة أنواعًا مختلفة من الأعمال والكفاءات التي تُتمّم بعضها بعضاً لتُكوين مجتمع متضامن، وهذا يقتضي كشف الفروق بين الأفراد وتوفير الظروف والعوامل التي تساعد على نموها فالفروق الفطرية والمكتسبة هي إمكانيات هائلة للإعداد المهني والتطور في جميع الأعمال وبذلك يُوضع الفرد المناسب في العمل المناسب له.
  • أهمية خُلُقية: تُساعد المعرفة الدقيقة بالفروق بين الأفراد على فهم الآخرين وتوضيح كيفية التعامل مع  مظاهر الاختلاف  بينهم من خلال إلقاء الضوء على كثير من تصرفاتهم، فلا يجوز معاملة الجميع نفس المعاملة فلكل فرد أسلوبه الخاص في التعبير الانفعالي والسلوكي.
  • أهمية معرفة الفروق الفردية في المجال التعليمي: تتعدّد أسباب أهمية الكشف عن الفروق الفردية في المجال التعليمي، إلّا أن أبرزها كما تم الذكر سالفًا تطبيق التعليم المُتمايز الذي يهتم بتعليم جميع الطلبة على وجه العموم  بالرغم من اختلاف القدرات والخصائص بينهم، وفيما يأتي بعض الأسباب الأخرى:
    • إعداد المناهج بما يتناسب مع قدرات واستعدادات الطلبة المتباينة.
    • إدراج العديد من الأنشطة والبرامج الإضافية التي تتناسب مع تباين مستويات الطلبة مثل رعاية الموهوبين والنوادي العلمية والثقافية والمسابقات العلمية ودروس التقوية والبرامج العلاجية التي تُلبي حاجات الطلبة المختلفة.
    • توجيه الطلبة لاختيار التخصصات المناسبة لقدراتهم واستعداداتهم وميولهم.
    • اختيار النوع الأنسب من طرق التدريس والأنشطة والبرامج الإضافية.
    • مُساعدة المعلمين على القيام بدورهم في قيادة العملية التعليمية.

مُراعاة الفروق الفردية في التعليم

إن المعلمين هم مفتاح مهم لنجاح أي خطة تعالج الفروق الفردية، وهنا تبرز الحاجة في الميدان التربوي  إلى معلمين مطّلعين على أهمية الفروق الفردية ومتحسّسين للحاجات الفردية وقادرين على التكيّف مع المنهاج الدراسي وفريق معلمين يهتمون ويتقبلون الفروق الفردية ويعتبرون وجودها حقيقة وأمرًا طبيعيًا بين الطلبة، ومن الضروري استخدام استراتيجيات وطرق تدريس  تُراعي تفريد التعليم وتتكيّف مع البيئة المدرسية وتناسب خصائص وقدرات الطلبة، ومن الطرق التدريسية العامة التي تعطي أهمية للفروق الفردية الآتي:

  • طريقة المجموعة ذات القدرة الواحدة: تعتمد بعض المدارس في الدول المتقدمة إلى تقسيم الطلاب حسب قدراتهم العقلية، وتقوم هذه الطريقة على وضع الطلاب المتجانسين من الناحية العقلية في شعبة واحدة من قبل المعلم، ولقد تم انتقاد هذه الطريقة بشدّة على أساس أن مثل هذا التوزيع قد يؤدي إلى شعور الطلبة بالاختلاف مما يؤثر على الجانب النفسي الخاص بهم، وبالتالي قد ينعكس ذلك على تصوّرهم لذاتهم في حياتهم الدراسية والاجتماعية.
  • طريقة التقسيم العشوائي: يتجه المُربّون في المدرسة الحديثة إلى تقسيم الطلبة تقسيمًا عشوائيًا بحيث يضم الصف الواحد الطلبة المختلفين في الخصائص و الاستعدادات لمُراعاة الفروق الفردية باختبار طرق التدريس التي تناسب استعدادات وقدرات كل طالب وطالبة، ممّا يُساعد على تبادل الخبرات التعلّمية بين الطلبة أيضًا. 
  • طريقة التعلم الجمعي: تتميز هذه الطريقة بأنها بدلًا من الاعتماد على معلم واحد دون غيره في تدريس موضوع واحد في الغرفة الصفية فإنها تستخدم مجموعة من المعلمين يقومون بمسؤولية التخطيط والتنفيذ والتقسيم للمنهج الدراسي، ويُمكن تطبيق هذا المنهج في المدارس الابتدائية والثانوية، وكل معلم أو معلمة يختص بموضوع مُعيّن ويكون من المناسب وجود مرشد تربوي مع المجموعة، وهذه الطريقة مُستخدمة في بعض البلدان الأجنبية وتطبيقها يتطلب وجود معلمين مؤهلين في اختصاصات مختلفة مع ضرورة وجود منهج يتلاءم ومتطلبات هذه الطريقة.

عزيزي المعلم، عزيزتي المعلمة

في النهاية نود التركيز على أن مراعاة الفروق الفردية بين طلبتكم هي من مهامكم الأساسية التي عليكم القيام بها ومراعاتها عند تعليم طلبتكم، واحرصوا على أن تراعي حصصكم الصفية ميول وقدرات ومواهب طلبتكم قدر الإمكان، وراعوا أن تكون البيئة الصفية بيئة آمنة وحاضنة لجميع الطلبة.

أحدث المواضيع