المدرسة والمجتمع المحلي

المدرسة والمجتمع المحلي The School and The Local Community

عند قراءة عنوان المقال من قطرة إلى محيط (1) ماذا يتبادر إلى أذهانكم؟

بالتأكيد منكم من يُفكر بالتعاون والمشاركة، ومنكم من يُفكر بمبدأ الاتحاد قوة وأن يدًا واحدةً لوحدها لا تصفق، جميع النقاط التي تبادرت إلى أذهانكم صحيحة وجميعها تدل على أهمية التعاون أو العمل الجماعي بين طرفين، لذلك أعزاءنا القراء عنوان مقال اليوم يقودنا إلى اتجاه مُهم لتعزيز عملية التعلم والتعليم وتحسين مخرجات العملية التعليمية التعلمية ألا وهو المدرسة المجتمعية.

يُركز مقال من قطرة إلى محيط (1) على المدرسة المجتمعية التي لا بد من وجودها، فهي مدرسة بلا أسوار ومُنفتحة على المجتمع الذي يحيط بها وتُرحّب بمُشاركة أهالي الطلبة بفاعلية من خلال توفير مناخ مناسب لاستقبالهم وتفعيل قنوات التواصل بين المدرسة والمجتمع المحلي.

تأملوا!

ما الذي عليكم القيام به للمساهمة في جعل مدارسكم مدارس مجتمعية مدارس مُرحّبة وصديقة للمجتمع المحلي؟ خلال هذا المقال ستشكلون تصور مبدئي حول التعاون بين مدارسكم والمجتمع المحلي لتوليد اتجاهات إيجابية لديهم نحو المدرسة ولتفعيل مشاركتهم في الأنشطة المدرسية لتصبح مدارسكم مدارس مجتمعية.

هل مدارسكم صديقة لأهالي الطلبة والمجتمع المحلي؟

أعزاءنا القراء تأملوا الأسئلة الآتية وحاولوا أن تبحثوا عن إجابات لها من واقع مدارسكم:

  • هل تهتم مدارسكم بمقترحات وآراء أهالي الطلبة وتعمل على تطبيق المناسب منها؟
  • هل تحتفظ المدرسة بسجلات خاصة بمؤسسات المجتمع المحلي وتحرص على التواصل معهم باستمرار؟
  • هل تَعقِد مدارسكم لقاءات دورية مُجدولة مع أهالي الطلبة والمجتمع المحلي؟
  • هل يستطيع أهالي الطلبة المشاركة في فعاليات وأنشطة المدرسة؟
  • هل يشعر أهالي الطلبة بأن وجودهم مُرحّب به من خلال الاستقبال المناسب من قبل كادر المدرسة وإتاحة الفرصة لهم للتجول في المدرسة؟

قد تتراوح إجاباتكم بين نعم ولا، فمنكم من يعمل في مدرسة ذات بيئة محفزة على استقبال أولياء الأمور والمجتمع المحلي، ومنكم من يعمل في مدرسة عليها إعادة النظر في تطوير طرق واستراتيجيات تفعيل مشاركة أهالي الطلبة والمجتمع المحلي.

التعاون بين المدرسة والمجتمع المحلي

هناك العديد من التعريفات الخاصة بمفهوم التعاون بين المدرسة والمجتمع المحلي، ومنها تعريف كون (Cone, 2007) الذي عرفه بأنه العلاقة التي تربط بين أعضاء المجتمع المحلي والهيئة الإدارية والتدريسية، لدعم التعاون بين المجتمع والمدرسة لتحقيق الأهداف والنتاجات التعليمية التعلمية بفاعلية، ولإيجاد الحلول المشتركة لبعض المشكلات التي قد لا يَتسنى لإحدى الجهتين مُواجهتها بمفردها مما يسهم في إنجاح العملية التعليمية التعلمية.

وتتمثل عملية التعاون بين المدرسة والمجتمع المحلي بالتفاعل البنّاء والاتصال المستمر ليتم تحديد الأهداف والتوقعات والاهتمامات والمصالح والمسؤوليات المشتركة بينهم بهدف تحسين عملية تعلم الطلبة من خلال النظر إلى التعليم باعتباره أمرًا مجتمعيًا، حيث أن التعليم ليس أمرًا يخص التربويون وحدهم، بل يعتبر قضية مجتمعية لا بد وأن تتظافر فيه جهود المجتمع بكافة أفراده وقطاعاته بهدف تنمية هذا القطاع والحد من التحديات التي قد تواجهه.

أهمية التعاون بين المدرسة والمجتمع المحلي

يحقق التعاون بين المدرسة والمجتمع المحلي العديد من الفوائد الدالة على أهمية الشراكة مع المجتمع المحلي ودمجه في التعليم، ومن هذه الفوائد:

  • تحقيق مجموعو من المصالح المشتركة بين المدرسة والمجتمع المحلي.
  • توحيد الفهم حول أهمية المدرسة ودورها في المجتمع المحلي.
  • تقديم الخدمات المادية والمعنوية من المجتمع المحلي لتلبية احتياجات الطلبة.
  • تحسين الوضع الاقتصادي للمدرسة.
  • توضيح أهداف البرنامج التربوي للمجتمع والحصول على تأييد المجتمع المحلي وموافقتهم عليه.
  • التقريب بين المدرسة والبيئة، وفتح آفاق التعاون بينهما، ومنح المدرسة دعم المجتمع المحلي ومؤازرته لها.
  • التعرُّف على إمكانيات المجتمع المحلي والبيئة المحلية والاستفادة منها داخل وخارج المدرسة.
  • التأكد من أن المدرسة تلبي حاجات وتوقعات الأسرة كونها لَبِنة أساسية بالمجتمع المحلي.
  • التعاون بهدف إعداد الطلبة ليكونوا قادرين على مواكبة متطلبات الحياة.

أنواع العلاقات التي تربط المجتمع المحلي في المدرسة

قام العديد من الباحثين بتوضيح مفهوم علاقة المجتمع المحلي بالمدرسة على أنها علاقة تركز على إشراك مؤسسات وأفراد المجتمع المحلي في المدرسة، ومن أنواع العلاقات التي تربط المجتمع المحلي بالمدرسة:

  • العلاقات التي تركز على إعداد الطلبة للحياة، وذلك بواسطة التعاون بين مؤسسات المجتمع المحلي والمدارس لتطبيق نتاجات المادة الدراسية التي يتعلمها الطلبة في المدارس على أرض الواقع.
  • العلاقات التي تقوم على استخدام مرافق المدرسة ومصادرها لخدمة المجتمع المحلي ويُطلق على هذه العلاقة “المدارس الخَدمية أو المدارس المجتمعية”.
  • العلاقات التي تقوم على مشاركة مؤسسات المجتمع المحلي في تقديم برامج تعليمية لطلبة المدارس التي تعتبر مهمة لتحسين تحصيلهم الدراسي وتشجيعهم على التفكير بطرق مختلفة.
  • العلاقات التي تقوم على توثيق مشاركة مؤسسات المجتمع المحلي في توفير الدعم المادي للمدرسة لاستثماره في تحسين البيئة المدرسية وتلبية احتياجات الطلبة.
  • العلاقات التي تهدف إلى بناء شراكة بين المدرسة والمؤسسات التعليمية (الجامعات والكليات ومراكز التدريب) لتزويد المدرسة بالمصادر التعليمية المادية والبشرية التي تُفيد في تحسين العملية التعليمية التعلمية.
  • العلاقات التي تهدف إلى التشارك مع مؤسسات المجتمع المحلي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمدرسة وتوحيد الرؤى بينها من خلال المشاركة في المجالس المدرسية تحت إشراف مدير المدرسة.

دوافع مشاركة المجتمع المحلي في المدرسة

من المهم تذكيركم بأهم دوافع تعاون ومشاركة المجتمع المحلي في مدارسكم من خلال التركيز على النقاط الآتية:

  • التأكد أن المدرسة تلبي ظروف وحاجات وتوقعات المجتمع المحلي.
  • وجود عدد من المصالح المشتركة بين المدرسة والمجتمع المحلي، حيث أن أحدهما لا يمكن أن يستغني عن الآخر.
  • توحيد الفهم حول أهمية الأدوار التي يمكن ان تقوم بها المدرسة في المجتمع المحلي.

تجارب عالمية

قبل نهاية المقال، لا بد من مشاركتكم بعض التجارب العالمية لتفعيل دور المدرسة في المجتمع المحلي ومنها الآتي:

أولًا: تركيا

طبقت تركيا مفهوم المدرسة المجتمعية، حيث عمدت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المنظمة العالمية للطفولة ومنظمة الصحة العالمية معاً لوضع برامج توحد الجهود لمواجهة المعوقات التي قد تواجههم كتلوث البيئة، وتم التعاون مع المدارس بهدف الإشراف والتعاون مع أعضاء المجتمع المحلي من القرويين في العمل على ردم البرك ورصف الطرق ومد أنابيب مياه نظيفة وتوعية المواطنين صحيًا.

ثانيًا: أمريكا 

انطلقت أمريكا في عملية إصلاح التعليم ومجتمعات الدراسة من المجتمعات المحلية، وأكدت على ضرورة الالتزام بتلبية حاجات المجتمع المحلي، لذا تمت العديد من التجارب حول خدمة المدرسة للمجتمع المحلي في العديد من الولايات الأمريكية منها الآتي:

  • المدرسة المجتمعية التي قامت بها مؤسسة سلون (Sloan) في كل من ولاية كنتاكي (Kentucky) وفلوريدا (Florida)، وفيرمونت (Vermont) بهدف تحسين مستوى التغذية والمسكن والملبس وتلبية حاجات المواطنين الأساسية العامة، حيث كان للمدارس الدور الأكبر في هذه الولايات في برنامج تحسين القرى الريفية من خلال تنفيذ وتقديم  خدمات منها حملة المحافظة على نظافة القرى وحملة المحافظة على البيئة وطلاء الأرصفة وواجهات المنازل وجمع التبرعات لترميم المباني الموجودة ضمن الولاية وتعليم الكبار ومحو الأمية وتسويق منتجات القرى الزراعية إلى كافة الولايات الأمريكية. 
  • المدرسة المجتمعية في ولاية وسكانسون (Wisconsin) هدفت إلى عمل وتشكيل مجتمع قارئ وفعال حيث عملت المدارس على تزويد المواطنين بمجموعة من المعلومات عن القراءة بهدف تعزيز القراءة لديهم وتوعيتهم بأهمية القراءة وتشجيعهم عليها، فدعتهم للاستفادة من الكتب المتوافرة في مكتبات المدارس بالتنسيق مع مدراء المدارس لتحديد آلية استخدام هذه الكتب، ودربت الأهالي وأعضاء المجتمع المحلّي على سرد القصص للطلبة من خلال حضور ورش تدريبية بسيطة بالإضافة إلى جمع التبرعات من الشركات والمؤسسات المحلية بهدف المساهمة في إعداد وبناء مكتبة عامة للمُجتمع في محافظة أو منطقة معينة  لزيارتها والاستفادة من مقتنياتها من قبل الجميع.

في نهاية المقال، نذكركم بمقولة مألوفة “متحدون نقف، متفرقون نسقط” فكل من المدرسة ومؤسسات المجتمع المحلي بحاجة ماسّة لبعضهم البعض فاتحادهم سيحقق نجاحات ومصالح تبادلية باهرة يقطف ثمارها كل من المدرسة والمجتمع المحلي.

المراجع +

الكلمات الدلالية

أحدث المواضيع