التنمية المهنية للمعلمين

تعريف التنمية المهنية والعناصر اللازمة لتحقيقها وأدوار مدارء المدارس في تحقيقها

تسعى الأنظمة التربوية المختلفة إلى بناء منظومة تطبيقية وعملية تهدف إلى تطوير وتحسين كفايات وممارسات معلميها ليكونوا أكثر كفاءة وفعالية في تلبية احتياجاتهم واحتياجات المدرسة والمجتمع المحيط بهم وتأتي هذه الجهود نتيجة للإيمان المطلق والعميق بدور المعلمين الذي يمثلون حجر الزاوية والركن الأساسي من أركان العملية التعليمية التعلمية، فمهنة التعليم لا تقوم على الموهبة والفطرة والممارسة بل لا بد من إتقان الأصول والقواعد والأساليب التربوية القائمة على أسس علمية ودراسات حثيثة مستمدة من الأطر والنظريات التربوية والنفسية إلى جانب التأهيل والتدريب والإعداد، فنوعية المعلمين هي المحدد الأساسي لنوعية الطلبة الذين سنحصل عليهم فيما بعد.

من هنا وبالتحديد في سبعينات القرن الماضي ظهر مصطلح التنمية المهنية المستدامة أو التطوير المهني.(Professional Development) في البداية اقترن هذا المصطلح بالتوجهات الإدارية الحديثة ثم تم استخدامه فيما بعد في مجال التربية والتعليم.

لكن، ما المقصود بالتنمية المهنية؟ وما هي العناصر اللازمة لتحقيق النمو المهني للمعلمين؟ ما هي أدوار مدراء المدارس في إطار التنمية المهنية لمعلمي مدارسهم؟

هذا المقال يجبيكم عن هذه الأسئلة.

ما المقصود بالتنمية المهنية؟

تعرف التنمية المهنية على أنها العملية التي تتضمن تعزيز كفايات المعلمين من خلال تحقيق أربعة أهداف رئيسة تتمثل في:

  • إضافة المعارف المهنية الجديدة لحصيلتهم المعرفية.
  • تنمية المهارات والممارسات الأدائية لديهم.
  • تعميق القيم الأكاديمية المهنية الداعمة لهم.
  • تمكينهم من تحقيق تربية ناجعة لطلبتهم.

ومما لا شك فيه أن الإدارة المدرسية تتحمل بما يتوافر لديها من عناصر أساسية مسؤولية التنمية الأكاديمية المهنية للمعلمين داخل المدرسة، فما هي هذه العناصر الأساسية اللازمة لتحقيق التنمية المهنية لدى المعلمين؟ 

  • عناصر بشرية: تتميز بمواصفات معرفية وتعليمية وتدريبية ملائمة وكافية لتحقيق أهداف العملية التعليمية في المدرسة.
  • إطار تنظيمي مؤسسي: يشمل حدود السلطة والمسؤولية والعلاقات التنظيمية والقوانين.
  • إمكانات و تسهيلات مادية: تشمل الأبنية والمعدات والتجهيزات وكل ما يلزم لتحقيق أهداف السياسات المدرسية وبرامجها وتوظيفها في التنمية المهنية.
  • عوامل مؤثرة في العمل التعليمي: تأتي فى إطار التنمية المهنية وتحدد قدرة المدرسة على تحقيق أهدافها بالكيفية المطلوبة مثل: ثقافة البيئة المحيطة، المناخ التنظيمي للمدرسة، التكوين النفسي والاجتماعي لأفراد المجتمع المدرسي.

يرى العديد من المصلحين التربويين أن تحسين التنمية المهنية ليست مسؤولية فردية بل على العكس هي مسؤولية تقع بشكل أساسي على عاتق المجتمع المدرسي بأكمله من إدارة مدرسية ومعلمين ومجتمع محلي ورجال أعمال وصنّاع القرار وحتى الطلبة. كما يؤكد التربيون أن التنمية الفعالة ضرورية لجميع المعلمين لتحسين كفاءتهم وتحسين العمل المدرسي وبناء إطار عمل فعال وشامل لتحقيق التقدم والتميز.

ولتحقيق تنمية مهنية فعالة وناجحة داخل المدارس إليكم عوامل نجاح التنمية المهنية الآتية:

  1. توفير المناخ المدرسي المناسب

المدارس الفاعلة ذات الأداء العالي تتسم بمجموعة من القواعد التى تنظم العلاقات بين العاملين فيها، حيث أن درجة التغيير ترتبط بشدة بالحد الذى يتفاعل به المعلمون مع بعضهم البعض والذى يقدمون به المساعدة الفنية لبعضهم البعض. ويحتاج المعلمون أن يشتركوا فى ورشات عمل للتدريب على المهارات وكذلك يحتاجون أيضًا لفرص التعامل بشكل فردي والتعامل فى مجموعات لتلقي المساعدة والدعم الذي يحتاجونه. ومما لا شك فيه أن المناخ المدرسي المشحون وغير المنظم يؤدي حتمًا إلى فشل التنمية المهنية، ويعد إنسجام المعلمين والإداريين أمرًا حيويًا لنجاح جهود التحسين وهو من الأمور التي يمكن العمل عليها باستمرار وتنميتها أثناء سير الجهود نحو التحسين، ولكن مبدئيًا يجب أن تكون علاقات العمل بين المعلمين والإداريين واضحة وداعمة.

  1. تقديم القيادة والدعم للمعلمين

الدعم الفعال الذى يقدمه مديرو المدارس يعد أمرًا حيويًا لنجاح أى جهود نحو التغيير. وتشير الأبحاث إلى أن المعلمين يثبتون تحسنًا أفضل فى برامج التنمية المهنية التى يدعمهم فيها مدراء مدارسهم، ويكون هذا التغيير واضحًا وثابتًا فى سياسات المعلمين، كما أن إندماج المديرين فى تنمية المعلمين مهنيًا ينتج عنه تغييرات طويلة المدى حيث يجب أن يتولى مديرو المدارس أدوارهم القيادية بجدية ويقدموا الدعم والإرشادات المطلوبة لضمان مشاركة المعلمين فى الممارسات الجديدة. 

  1. توفير الوقت اللازم للتنمية المهنية للمعلمين

على المدارس التى تسعى لرفع وتحسين أداء المعلمين وإتاحة الوقت الكافي لتنميتهم مهنيًا وهنا لا بد أنكم تتساءلون، كيف يمكن تحقيق ذلك دون تعطيل المعلمين عن القيام بمهامهم الرئيسة؟

تدعو بعض المنظمات التعليمية العالمية إلى تخصيص ربع وقت عمل المعلمين على الأقل للدراسات المهنية والعمل التعاوني وترى هذه المنظمات أن تنمية المعلمين لا يجب أن تكون ضمن أيام منفصلة بعيدة عن ساعات العمل بل على العكس يجب أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من عمل المعلمين اليومي وأكثر اتصالًا بتحسين عملهم. كيف يتم ذلك؟ يتم تنفيذ ذلك على شكل مجموعات دراسة وأبحاث إجرائية وتدريب مباشر وتدريب الزملاء وتحليل أعمال المعلمين.

للمزيد إقرأوا: في التعاون قوة، مدراء المدارس قادة التغيير (2).

بعد أن تعرفتم على مفهوم التنمية المهنية وعناصرها وعوامل نجاحها هل تعرفون ما هي أدواركم كمديري مدارس في تحقيق التنمية المهنية لمعلمي مدارسكم؟ 

نختم معكم هذا المقال بالأدوار الرئيسة لمدراء المدارس في تحقيق التنمية المهنية للمعلمين وهي كالأتي:

  1. إحداث التغيير وإدارته وتهيئة البيئة المناسبة والملائمة للمعلمين والاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية المتاحة وتحسين الرؤى المستقبلية للمدرسة وزيادة قدرتها على الإبداع.
  2. تحسين اتجاهات المعلمين نحو مهنة التدريس والخبرات التعليمية وتشجيعهم على الاشتراك في أنشطة التنمية المهنية التي تُلبي احتياجات المدرسة.
  3. مواكبة التغيير والقدرة على توظيف أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة مما يوفر لهم البيانات والمعلومات التي تساعدهم على ترتيب أولويات العمل داخل المدرسة وتنفيذها ونشر المعرفة المكتسبة وإدارة الاجتماعات بفاعلية وذكاء واتخاذ القرارات الرشيدة.
  4. بناء قدرة الفريق وتنمية روح العمل الجماعي ليتمكنوا من إحداث التغيير فى عمليات تطوير البرامج الدراسية والتقويم والتخطيط لصناعة القرارات على مستوى المدرسة.
  5. تشجيع المعلمين على فحص ودراسة تجاربهم وتقويمها وإتاحة الفرصة للتأمل والتفكير فى أساليب تدريسهم وفى تنمية المهارات التعليمية والبحثية لديهم.
  6. توزيع المهام بين المعلمين وتنظيمها بشكل لا يسمح بتداخل التخصصات أو تكرار الأدوار مما يزيد من فعالية المدرسة وتقدم الطلبة.

نستنتج أعزاءنا القراء في نهاية هذا المقال أن مفهوم التنمية المهنية شامل وعميق فهو يركز على بناء جميع كفايات المعلمين من معارف ومهارات واتجاهات وقيم، كما أنه من عمليات التحسين المستمرة التي يتم تقديمها في قوالب مختلفة وأنماط متعددة وباستراتيجيات متنوعة لكنه في النهاية يهدف إلى تلبية كافة احتياجات المعلمين وتعزيز نقاط القوة لديهم ومعالجة جوانب الضعف والقصور إن الإلمام بهذا المفهوم المفهوم يضمن جودة منظومة التنمية المهنية المستدامة والتي ينتج عنها النمو المهني للمعلمين.

المراجع +

الكلمات الدلالية

أحدث المواضيع