الرؤية والرسالة المدرسية School Vision and Mission
ماذا لو كانت السفينة بلا دفة؟ هل تستطيع السفينة الوصول إلى بر الآمان؟
والآن، ماذا لو عكسنا أهمية وجود الدفة في السفينة على أهمية وجود دفة في المدرسة؟ هل يمكن أن تكون لها ذات الأهمية؟
بالطبع نعم، لأن الدفة المقصودة هنا تتكون في الرؤية والرسالة اللتان ترسمان مسار المدرسة بدقة وثقة نحو تحقيق الأهداف المنشودة، لذا سيتم توجيه دفة المقال نحو الرؤية والرسالة المدرسية، هل أنت جاهزون؟
ما المقصود بالرؤية؟
تعرف الرؤية (Vision) على أنها جملة تصف بوضوح ودقة صورة المستقبل التي يرسمها كل من مديرو المدرسة والإداريون والمعلمون لمدرستهم ويمكن التعبير عنها بكلمات، أو جُمل، أو صور تصف الوضع المأمول الذي سوف تسعى المدرسة إلى تحقيقه في ذلك الوقت.
العناصر الأساسية التي تُركّز عليها الرؤية
تُركّز الرؤية المدرسية المشتركة على:
- جودة التعلّم والتعليم الذي تُقدّمه المدرسة للطلبة.
- الفئة المستفيدة من المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية ضمن وزارة التربية والتعليم.
- خصائص الطلاب وأحلامهم المستقبلية.
- أنواع البيانات التي تعتمد عليها المدرسة في اتخاذ القرارات المتعلّقة بالمدرسة.
- جهود التغيير المدرسي الحالية والمستقبلية.
- الأهداف التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها.
- البرامج التعليمية والقيم التي تُقدّمها المدرسة للطلبة.
- التطلّعات والآمال التي تطمح المدرسة إلى غرسها في نفوس كل جيل.
- التوقعات العالية من المدرسة نحو الطلبة.
أهمية رؤية المدرسة
- تخلق شعور لدى جميع أعضاء المدرسة بـالملكية والالتزام بالمعايير والقيم الخاصة بالمدرسة.
- تمد أعضاء المدرسة بالطاقة التي تعتبر ضرورية لدفع الفرق المدرسية على العمل وتوجّيههم نحو تحقيق أهداف المدرسة.
طرق بناء الرؤية المدرسية المشتركة
أولاً: دعوة جميع المؤثرين والمتأثرين (Invite All Stakeholders)
تقوم هذه الطريقة على الإجراءات الآتية:
- يُنظّم مدير المدرسة اجتماعاً يضم أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية، وعينة من الطالبات والطلاب وعدداً من أهالي الطلبة والمجتمع المحلي.
- يُيسّر مدير المدرسة نقاشاً محوره الأسئلة الآتية:
- ما معايير وخصائص المدرسة السليمة التي نحلم أن يتم فيها تعليم أبناؤنا؟
- ماذا نريد أن يتعلّم طلبتنا في مدارسنا؟ وكيف؟
- كيف نضمن أن يستفيد طلبتنا من نماذج المعارف والمهارات التي تُقدّم لهم في المدرسة؟
- هل يمكننا قياس نجاح طلبتنا؟ وكيف؟
- في ضوء المستجدات الحديثة في التعليم، ومشاريع التطوير التربوي، ما هي المشاريع التربوية المطروحة والأهداف التي تطمحون إلى تحقيقها في هذه المدرسة؟
- إذا أتيح لكم المجال لاختيار المدرسة التي ترغبون في تعليم أبنائكم فيها، ما هي أسس ومعايير الجودة التي تعتمدون عليها في اتخاذ هذا القرار؟
- من خلال الإجابة على الأسئلة السابقة يتشارك مدير المدرسة وجميع أعضاء الاجتماع تسجيل الأفكار والمقترحات وصياغة الرؤية المدرسية المشتركة.
- يتّفق مدير المدرسة وباقي فريق المدرسة على كيفية العمل على نشر الرؤية المدرسية والحرص على أن تكون مكتوبة لإعلام جميع المؤثرين والمتأثرين في المدرسة بها، والهدف يكمن بالعمل على تطبيقها في بيئة المدرسة وترجمتها على أرض الواقع.
ثانياً: طريقة العرض (Post It)
تقوم طريقة العرض على الإجراءات الآتية:
- يجتمع مدير المدرسة مع جميع المعلمين والإداريين، فمن واجبه السعي إلى توضيح مفهوم الرؤية المدرسية كأن يقول لهم مثلاً: الرؤية المدرسية تُعبّر عن الصورة المستقبلية النموذجية التي تتطلّع المدرسة إلى تحقيقها، وهي الدفة التي تُوجّه الإدارة والعاملين في المدرسة نحو الطريق الصحيح المؤدي إلى تحقيق أهدافها.
- يقوم مدير المدرسة بتوضيح أهمية الرؤية المدرسية للمعلمين والإداريين.
- يُوضّح مدير المدرسة للإداريين والمعلمين أنهم سيشتركون معاً في العمل على بناء الرؤية المدرسية الخاصة بمدرستهم والحرص على كتابة الصياغة المناسبة لها.
- يطلب مدير المدرسة من الإداريين والمعلمين التفكير في خصائص المدرسة التي يتطلّعون إلى تدريس أبنائهم فيها وفي أسلوب التعليم الذي يأملون أن يتعلّم أبنائهم به، وفي طبيعة الخبرات التي يتعرّض لها الطلبة في المدرسة، ثم تدوين هذه الأفكار على بطاقات.
- يطلب مدير المدرسة من الإداريين والمعلمين التفكير في خصائص المدرسة التي يحلمون في العمل فيها، وفي مناخ العمل والعلاقات التي يرغبون في بنائها فيما بينهم، ثم اعداد هذه الأفكار وتدوينها على بطاقات.
- يطلب مدير المدرسة من الإداريين والمعلمين تلخيص الأفكار التي تم تدوينها على البطاقتين السابقتين على بطاقة واحدة واضحة.
- يطلب مدير المدرسة من الإداريين والمعلمين الجلوس في مجموعات، والاطّلاع على أفكار بعضهم البعض ومناقشتها، والاعتماد عليها في صياغة الرؤية المدرسية التي يطمحون إلى تحقيقها في مدرستهم.
- يطلب مدير المدرسة من كل مجموعتين الجلوس مع بعضهم البعض ومناقشة الرؤية التي قامت كل مجموعة بصياغتها، ثم الاتّفاق على رؤية واحدة.
- يطلب مدير المدرسة من جميع المجموعات عرض أعمالها والاتّفاق على رؤية مدرسية واحدة.
يُمكن لمدير المدرسة في حالة عدم حضور الطلبة وأولياء الأمور أن يُنظّم اجتماع للالتقاء بهم ويتّبع معهم الإجراءات السابقة للوصول إلى الرؤية المدرسية، ثم يقوم بمشاركة التحديات والأفكار التي خرجوا بها مع بقية أعضاء المدرسة بهدف الوصول إلى رؤية مدرسية واضحة ومشتركة.
ما المقصود بالرسالة؟
تُمثل الأهداف بعيدة المدى التي يتم تصميم وتعديل التعليم وفقاً لها وتُلخص ما تسعى المدارس إلى تحقيقه لدى الطلبة، وبعبارة أخرى هي النتائج النهائية المُتوقع تحقيقها بعد انتهاء العملية التعليمية التعلّمية. وتسعى المدارس في القرن الحادي والعشرين إلى:
- تطوير مستوى فهم الطلبة للمعارف والمهارات المختلفة، حيث أن الفهم ليس امتلاك سلبي للمعارف والمهارات ولكنه يتمثّل في قدرة الطلبة على التصرف بحكمة وفاعلية في مواقف مختلفة بالاعتماد على ما يتعلمونه كل من طلبة المرحلة الإبتدائية والثانوية.
- تطوير قدرات الطلبة على إحداث الفرق من خلال نقل أثر تعلّمهم إلى حياتهم الواقعية بشكل يواكب كل جديد.
- تطوير عادات عقلية ناضجة لدى الطلبة.
المحاور الأربعة التي ترتبط بها رسالة التعليم (Education Mission)
- استراتيجيات وأساليب التعليم
- المناهج المدرسية
- أساليب تقويم تعلّم الطلبة
- نظام وسياسة المدرسة وطريقة عمل الموظفين فيها
أهمية رسالة المدرسة
تُساعد رسالة المدرسة على:
- تحديد اهداف وأولويات المدرسة وغاياتها التي قد تُشكِّل تحديًا في بعض المدارس.
- تَوحيد جهود جميع الموظفين والعاملين في المدرسة لتحقيق أهداف مهمة ومُحدّدة.
- التنظيم والإشراف على جودة العملية التعليمية التعلّمية في المدرسة وذلك من خلال اختيار المحتوى وأساليب التدريس والتقويم المناسبة لرسالة المدرسة ما يضمن تعلم طُلابها بأفضل صورة.
أثر رسالة التعليم على المناهج الدراسية وأساليب تقويم تعلّم الطلبة
يجب أن يُقدم محتوى المناهج المدرسية بشكل يتوافق مع رسالة المدارس ويؤدي إلى تحقيقها وذلك من خلال:
- تقديم معارف ومهارات ذات جودة عالية للطلبة فهي تُساعدهم على التعامل مع المواقف المختلفة التي يُواجهونها داخل وخارج المدرسة.
- تقديم المعارف والمهارات والقيم اللازمة لكل متعلم في سياق واقعي يشعرون خلاله بأهمية ما يتعلمون.
- تقديم محتوى المناهج الدراسية على شكل مشكلات حقيقية وتشجيع الطلبة على تطبيق طرق حلها.
إن إتقان المحتوى (المعارف والمهارات والاتجاهات) المُتوفّر في المناهج الدراسية ليس الهدف من التعلّم إنما هو من العوامل المُساعدة على التعلّم للجميع.
وفي هذا المجال وضع تايلور (Tyler, 1950) أربعة أسئلة أساسية يجب الإجابة عنها عند تطوير المناهج والتخطيط للتعليم وهي:
- ما هي الأهداف التي تسعى المؤسسات التعليمية كالمدارس إلى تحقيقها (رسالة التعليم في المدارس)؟
- ما هي خبرات التعلّم التي تُحقق النتاجات المنشودة؟
- كيف تُنظّم خبرات التعلّم بشكل فاعل يؤدي إلى تحقيق النتاجات المنشُودة؟
- كيف يُمكن التأكد من تحقق النتاجات المنشُودة؟
كما تُؤثّر رسالة التعليم في المدارس على الأساليب المُستخدمة لتقويم تعلّم الطلبة حيث أن الامتحانات وحدها لم تعد الأسلوب الأنسب لتقويم التعلّم، إنما أصبح من الضروري تقويم تعلّم الطلبة بطرق واقعية تتحدى قدراتهم وتدفعهم للإبداع والابتكار في توظيف تعلّمهم، ومن هنا أصبح التركيز ينصبّ في تقويم تعلّم الطلبة على إعداد التقويم الواقعي المناسب فهو التقويم الذي يعكس أداء الطلبة للمهمات ومدى إنجازهم ويقيسه في مواقف حقيقية، من خلال إشراك الطلبة في مهام حقيقية واقعية كنشاطات تعلّم يُوظف فيها الطلبة مهارات التفكير العليا لاتخاذ القرارات أو لحل المشكلات الحياتية التي يُعيشونها في الوقت الحالي.
يحقق التقويم الواقعي الأهداف الآتية:
- تحديد درجة النمو المُتحقق في تنشئة شخصيات الطلبة.
- تطوير مهارات الطلبة الحياتية لخدمة المجتمع.
- تطوير عادات الطلبة العقلية.
- تعزيز قدرات الطلبة على التقويم الذاتي.
وفي نهاية المقال، عليكم الأخذ بمقولة “لتحقيق إنجازات عظيمة لا يكفي أن تعملوا فقط، بل يجب أن تحلموا أيضًا ولا يكفي أن تخططوا فقط، بل يجب أن تؤمنوا بما تقومون به”، فهذه المقولة تؤكد على أهمية وجود كل من الرؤية والرسالة لأن وجودهما يساعد على وضوح الطريق الذي ستسلكه المدرسة حيث توجه الرؤية والرسالة المدرسة بثقة نحو تحقيق أهدافها على المدى القريب والبعيد في الحاضر والمستقبل.