نظرية التعلم الاجتماعي Social Learning Theory

هل لاحظتم يومًا تقليد طلبتكم لسلوككم وتصرفاتكم في الغرفة الصفية؟ أو تقليد طريقة مشيتكم وحركة أيديكم؟ طريقتكم في التحدث ونبرة صوتكم؟

ما تفسيركم لذلك؟

التفسير في كلميتن هما: التقليد والمحاكاة.

نعم أعزائنا القراء، فالتقليد والمحاكاة سمة طبيعية لدى البشر بغض النظر عن أعمارهم ولأن الإنسان في عملية تعلم مستمرة هذا الأمر يفرض عليه أن يتعلم بعدة طرق وتعتبر المشاهدة والمحاكاة والتقليد واحدة من هذه الطرق ومن المدهش أيضًا أن التعلم من خلال التقليد والمحاكاة لا يتوقف فقط على المعارف والمهارات بل يشكل مدى واسع يشمل المشاعر والعواطف، فمثلًا الطفل الذي يشاهد والدته ترفع نبرة صوتها وتلجأ للصراخ عندما تغضب سيقوم  بمحاكاة ردة فعلها العاطفية بنفس الطريقة عندما يغضب ويتأثر بها؛ لأن ما شاهده وتعلمه من والدته بالتقليد والمحاكاة يعد بمثابة طريقة للتنفيس عن الغضب وعلى العكس تمامًا الطفل الذي يشاهد والده عندما يغضب يلجأ للصمت والسكوت سيقوم بكل تأكيد بمحاكاة الأسلوب نفسه في غضبه.

هذا المقال يعرفكم على نظرية تعلم جديدة من سلسلة نظريات التعلم التي نقدمها لكم على مدونة الكادر العربي وتعُرف بنظرية الملاحظة والتقليد، هل سبق أن سمعتم بها؟

هيا بنا.

المقصود بالنظرية الاجتماعية

النظرية الاجتماعية تمثل مزيج بين النظريات السلوكية والنظريات المعرفية وحلقة الوصل بينهما ففي التعلم الاجتماعي يتم استخدام كل من التعزيز الخارجي (النظرية السلوكية) والتفسير الداخلي للتعلم (النظرية المعرفية) لذلك تعتبر النظرية الاجتماعية من النظريات التوفيقية.

للنظرية الاجتماعية عدة مسميات منها:

  • نظرية التعلم بالملاحظة والتقليد
  • نظرية التعلم بالنمذجة
  • نظرية التعلم الاجتماعي

إن نظرية التعلم الاجتماعي (النظرية الاجتماعية) والتي تعود لباندورا (Bandura) ما هي إلا نوع من المزج والتوليف بين نظرية التعزيز السلوكية وعلم النفس المعرفي، ونظرية باندورا تستند إلى بحوث مكثفة أجريت على السلوك الإنساني.

تسمى نظرية باندورا بنظرية التعلم الاجتماعي حيث ركز باندورا في هذه النظرية على التقليد وهو: ملاحظة نموذج معين ثم تقليد سلوكه ويصعب حصر هذا النموذج في شخص معين. 

وتَستخدم نظرية التعلم الاجتماعي المصطلحات السلوكية والإنسانية لكي تعمل على تفسير وشرح الوظائف السيكولوجية على أساس فكرة التفاعل المتبادل المستمر بين المحددات الشخصية والمحددات البيئية وتؤكد النظرية الاجتماعية على أن البيئة تؤثر في اﻟﺴﻠﻮك لأن سلوك الفرد يُحدّد جزئيًا بيئته حيث أن الناس لا يستجيبون ببساطة للمثيرات كما هي وذلك لأنهم يستجيبون لها كما يفسرونها.

أهم مبادئ النظرية الاجتماعية

تعددت المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية ومن أبرزها:

  1. وجود قدوة وملاحظتها وتقليد سلوكها فالأفراد يتعلمون سلوكهم بالتقليد والمحاكاة.
  2. النظام النفسي للفرد (مفهوم الفرد عن قدراته) ومن هنا نجد أن نظرية باندورا ترتكز أساسًا على التقليد والتعلم بالملاحظة لنموذج معين وكذلك إحساس الفرد وقدرته على الإنجاز.

تحدث باندورا عن النظام النفسي للفرد وهو مفهوم الفرد عن قدرته على الإنجاز أو عدم الإنجاز ويرى باندورا أن هناك ما يسمى بالمُعزّز التلقائي وهو التعزيز الذي يُقدم للقدوة التي أمامه نتيجة قيامه بسلوك معين وإنجازه لهذا السلوك ويكون هذا التعزيز إيجابيًا.

نظرية التعلم الإجتماعي لا تتناول مجموعة من المبادئ التعليمية المعروفة فحسب ولكنها تضيف إليها عدة مبادئ جديدة، وعلى الرغم من أن نظرية التعلم الاجتماعي تقبل وصايا السلوكيين المألوفة برفض العوامل اللاشعورية والأسباب الداخلية للسلوك المضطرب إلا أنها تُخفف من هذا الاتجاه بتأكيدها على دور الجوانب المعرفية والرمزية في اكتساب الأنماط السلوكية اليومية الجديدة وفي تنظيم توقيت ظهورها وتوافرها.

ولقد أكدت نظرية التعلم الاجتماعي على أن التعلم يتم اكتسابه من خلال خبرات سلوكية مباشرة وعلى تعزيز الاستجابات الممارسة وظهر هذا ﻓﻲ مفاهيم كالتعلم بالعمل والتمايز بين الاستجابات.

ما رأيكم أن نوضح ما سبق ذكره بطريقة أبسط؟

المعادلة جدًا بسيطة في النظرية الاجتماعية وهي:

تعلم (من خلال ملاحظة سلوك وتقليده ومحاكاته) + تعزيز خارجي للسلوك = نظرية التعلم الاجتماعي

أبرز رواد النظرية الاجتماعية

  • ألبرت باندورا (Albert Bandura): ركز باندورا في هذه النظرية على التقليد وهو ملاحظة نموذج معين ثم تقليد سلوكات هذا النموذج.
  • ليف فايجوتسكي (L.Vygotsky): ركز فايجوتسكي في نظرية التعلم الاجتماعي على كيفية اكتساب المفاهيم وكيفية تعليمها للطلبة ومراحل تطورها حتى تصبح بصورتها الناضجة.

الانتقادات التي وجهت للنظرية الاجتماعية

كغيرها من النظريات لا بد من وجود منتقدين للنظرية الاجتماعية، ومن أبرز الانتقادات التي وجهت لها ما يأتي:

  • ركزت النظرية على السلوكيات الظاهرة بالرغم من إيمان باندورا بأهمية العوامل المكمونة، ذلك بسبب تشدده ضد التحليل النفسي هذا الأمر جعل باندورا يتجاهل معرفة مشاكل إنسانية مثل الصراعات والدافع اللاشعوري في العالم المحيط بالفرد.
  • تجاهلت النظرية أيهما ذو أهمية في اكتساب السلوك المُلاحظ، التعزيزات الخارجية التي يأخذها الفرد من الآخرين أو التعزيزات الداخلية التي يشعر الفرد بها.
  • عدم تحديد النظرية العوامل التي تقف خلف عملية اختيار السلوك الملاحظ المراد تعلمه.
  • تجاهلت النظرية أهمية الذكاء واستعداداته وقدراته ودوافعه وبنائه المعرفي في استقبال أشكال السلوك الملاحظ.

أمثلة تطبيقية على النظرية الاجتماعية في الغرفة الصفية

يتمركز التعلم في هذه النظرية على التعزيز والتعزيز هنا ليس تعزيزًا متمركزًا في بيئة تضبط الطلبة ولا هو عملية تحقيق ذات لدى الطلبة ويستخدمون إمكانياتهم لتوجيه ذواتهم ولكن التعزيز في التعلم معناه أن الطلبة ينمون ويحددون توقعاتهم النابعة من الذات والمبنية على المعرفة من خلال إدراك نتائج الخبرة المباشرة والخبرة الناجمة عن الملاحظة.

هنا لا بد لنا أن نذكر وجود ثلاث مستويات للتعزيز هي:

  • التعزيز الخارجي المباشر
  • التعزيز البديل
  • التعزيز الذاتي أي الذي يقدمه الفرد لنفسه

التطبيقات التربوية للنظرية الاجتماعية

يُعتبر اتجاه التعلم الاجتماعي من الأسس النفسية السائدة للنماذج التدريسية، ويتم التعلم وفق هذا النموذج عن طريق نموذج يتصف بخصائص مميزة يعرض نماذج سلوك يحتاج إليها الطلبة لملاحظتها ثم تأديتها ثم الحصول على تعزيز ومكافأة جراء ذلك.

ومن أبرز الملامح التي يقوم عليها هذا الاتجاه الآتي:

  • تعلم الطلبة جزءًا كبيرًا من تعلمهم باستخدام النمذجة والمحاكاة والتقليد.
  • زيادة الخبرات غير المباشرة للطلبة عن طريق التعامل مع النماذج المختلفة.
  • تتضمن عملية النمذجة تبني الأدوار والاتجاهات والمشاعر.
  • اكتساب سلوكيات جديدة نتيجة لملاحظة النموذج الذي يلقى المكافأة.
  • التعزيز يعلب دورًا مهمًا في تبني السلوك الذي يتم ملاحظته.
  • قد يكون التعلم بالملاحظة والنمذجة الطريقة الأولى في تعلم اللغة والأفكار والعادات الاجتماعية.

في ختام هذا المقال، نؤكد لكم اعزائنا المعلمين أن نظرية التعلم الاجتماعي من النظريات ممتدة الأثر في الوسط التعليمي ذلك من منطلق كونها تفسر بشكل كبير طريقة التعلم التي يمارسها الطلبة من خلال المحاكاة والتقليد وعليه يجب عليكم بعد تعرفكم على هذه النظرية أن تكونوا أكثر وعيًا بتأثيركم المباشر وغير المباشر على طلبتكم وأن تسعوا جاهدين لتكونوا مثالًا يحتذى به وقدوة جيدة يقتدون بها ويقلدونها ويحاكونها في السلوك والتصرفات.

[read more]

المراجع

  • عبد الهادي، جودت (2007). نظريات التعلم والتعليم وتطبيقاتها التربوية. دار الثقافة للنشر والتوزيع. عمان.
  • عتوم وآخرون (2020). نظريات التعلم. ط 3. دار المسيرة. عمان.
  • Jensen, Eric (2008). Brain-Based Learning: The New Paradigm of Teaching. Corwin Press. California.
  • Jensen, Eric (2008). Brain-Based Learning: The New Paradigm of Teaching, library of Congress Cataloging in publishing data. USA.
  • Leonard, David (2002). Learning Theories. A to Z. GreenWood Publishing Group. USA.
[/read]

أحدث المواضيع