نضع بين أيديكم مقال أهمية تدريس القيم والمهارات الذي يحمل في طياته استراتيجيات وطرق تدريس فاعلة تمكنكم من تدريس الطلاب بفاعلية والمساهمة في تحقيق النتاجات على اختلافها في المناهج بالإضافة إلى بناء شخصيّة قوية للطلبة تجمع بين الإتجاهات والمهارات.
في البداية تأملوا!
ماذا لو اتحدت ثلاث قوى كبيرة بدلًا من قوة واحدة لإنجاز مهمة معينة؟
ماذا لو اتحد العقل مع الإرادة والشغف للقيام بعمل ما؟
ماذا لو كان العمل المنتج أو المنجز هو حصيلة تكامل بين المعرفة والاتجاه والمهارة؟
هذا المقال سيساعدكم على التدريس في ميدان التعليم (education) بشكل متكامل، ولكن كيف؟
سبق وتعرفتم على تدريس بنية تعليمية معرفية ومفاهيمية للمادة الدراسية أما مقال كيف تدرسون؟ سيسلط الضوء على مجموعة من طرق التدريس التي تساعد المعلم على تحقيق النتاج الوجداني والحس حركي من خلال تدريس القيم والمهارات للطلبة في المدرسة بشكل فاعل وهكذا يتم تقديم تجربة تعلم متكاملة وأكثر ديمومة للطلبة مما يمكنهم من الدراسة بثقة وبذلك يتم دعم عملية التعليم والتعلم بشكل ملحوظ.
ما رأيكم أن نبدأ رحلتنا بتعلم وتعليم القيم والاتجاهات في ميدان التربية والتعليم نظرًا لأنها بالغة الأهمية لكل من المجتمع والمدرسة؟
تدريس القيم والاتجاهات في العملية التعليمية التعلمية
في البداية ما المقصود بالقيم والاتجاهات؟
يعرف التربويون القيم والإتجاهات كما يلي:
الاتجاهات: نزعة أو ميل للقيام بردة فعل إيجابي أو سلبي أو محايد نحو الأشخاص أو الأفعال أو القيم أو الأفكار أو المعلومات أو الأحداث.
القيم: المعتقدات التي يحملها الفرد نحو الأشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة التي تعمل على توجيه رغبات الأفراد واتجاهاتهم نحو هذه الأنشطة، لذلك مفهوم القيم مهم (important) في تحديد السلوك المقبول والمرفوض والصواب والخطأ.
أهمية تدريس القيم
- تساعد على زرع وبناء القيم المطلوبة ومظاهرها السلوكية، لكي لا تتأثر بالتغييرات التي تطال المعايير التربوية والاجتماعية التي تعمل على تعديلها أو تشويهها.
- تُقلل من مراحل اختلاف تقدير السلوكيات الجيدة عن غيرها لدى الأفراد فما كان متعارفاً عليه في فترة زمنية ما بأنه سلبي قد يصبح في فترة ما إيجابيًا والعكس صحيح.
- تدعم اهمية دور الأسرة على القيام بدورها الرئيس في ترسيخ القيم للأبناء وما ينتج عنها من مظاهر سلوكية مناسبة في حياة ذويهم. دور الأسرة أصبح ضرورة لأنها تتحمل جزءً من المسؤولية لدعم المجتمع وتسهيل مهمته في غرس القيم الإسلامية والاجتماعية بين أفراده ومعايير ترسيخها واللالتزام بها.
تصنيف أنماط القيم لسبرانجر (Spranger)
- القيم النظرية: تعكس القيم النظرية معرفة واهتمام الأفراد بالعلم والمعرفة واكتشاف الحقائق والسعي وراء القوانين التي تحكم الأشياء بقصد معرفتها.
- القيم الاقتصادية: تتضمن اهتمام الأفراد على المستوى الاقتصادي والمادي وميلهم إلى النافع والعملي والسعي إلى ممارسة ما يمكنهم من تحقيق الأهداف عن طريق الإنتاج واستثمار الأموال.
- القيم الجمالية: تعكس اهتمام الأفراد وميلهم إلى الجميل من ناحية الشكل أو التوافق لذلك ينظر الأفراد إلى العالم المحيط بهم نظرة تقدير من ناحية التكوين والتنسيق والتوافق الشكلي.
- القيم الاجتماعية: تتضمن القيم الاجتماعية الجانب الخاص باهتمام الأفراد وميلهم إلى غيرهم من الناس فهم يحبون ويميلون إلى مساعدة غيرهم والحرص على مساندتهم.
- القيم السياسية: تعكس اهتمام الأفراد وميلهم للحصول على القوة وتفضيل السلوك القيادي وتوجيه الآخرين وممارسة القوة والسيطرة ومعالجة المشكلات العامة.
- القيم الدينية: تعكس اهتمام الأفراد بالمعايير الدينية المطلقة والتفكير في الأمور الميتافيزيقية كأصل الحياة ومصير الإنسان بواسطة بحث الأفراد عن حقائق الوجود وأسرار الكون.
تدريس القيم والاتجاهات للطلبة
لنفرض أنكم تتجولون في الساحة المدرسية ورأيتم بعض النفايات ملقاة على الأرض، هنا سرعان ما تقومون بإزالتها ووضعها في سلة المهملات.
برأيكم لو شاهد طلبتكم هذا الموقف بشكل متكرر منكم، ما هي القيم والأخلاق والمبادئ التي سيتعلمونها من سلوككم؟ وما اهمية (importance) ذلك؟
بالتأكيد كمعلمين (teachers) ستعززون لديهم قيم النظافة والتعاون، وستتمكنون بذلك من نقل وغرس هذه القيم بسهولة ضمن المنظومة الأخلاقية القيَمية لطلبتكم وهذا من شأنه أن يعود على الافراد والمجتمع بالنفع.
أعزاءنا القراء تتطلع العديد من المدارس إلى تنشئة طلبة يمتلكون منظومة قيمة تضم أهم الأخلاق والقيم لذلك تقوم هذه المدارس بإعداد البرامج الرئيسية التي تدعم عملية التعليم والتعلم فهي تساهم في تربية وتنشئة شخصيّة الطلبة التي تكتسب من خلال زرع وغرس مجموعة من القيم كالصدق، الصبر، التعاون، حب الآخرين، وغيرها من قيم اجتماعية أو دينية بهدف تعريف الطالب بها لتمثُلها والالتزام بها في حياته.
والآن، نقدم لكم بعض الطرق التي يمكنكم توظيفها لتدريس جميع الطلبة القيم والاتجاهات سواءً في الجامعة والمدرسة والمساهمة في غرس هذه القيم (values) ضمن المنظومة الأخلاقية للطلبة:
- القدوة الحسنة
- التعزيز الإيجابي
- لعب الأدوار
- المحاكاة
- المناقشة
- المناظرة
- البحث والاستقصاء
- مشاهدة الأفلام الوثائقية
- قراءة قصص
- التفكير الناقد
أعزاءنا المعلمين يمكنكم اختيار ما يناسبكم من هذه الطرق وتحديد أسلوب خاص بكم وفقا لقدرات وحاجات طلبتكم، أو المواقف التعليمية التي تمرون فيها أنتم وطلبتكم، فإنه لا توجد طريقة معينة لتدريس القيم كطريقة مُثلى لتعليم المتعلم.
تدريس المهارات
لننتقل معكم في هذا المقال إلى الحديث عن الجزء الذي يمثل أساس تأدية المهمات بشكل عملي وتطبيقي من قبل الطلبة بالشكل الفردي أو الجماعي ألا وهو الجزء المتعلق بتنمية وتدريس المهارات بشكل عام. في البداية ما المقصود بالمهارة؟
المهارة: القيام بالعمل بسرعة ودقة وإتقان.
أنواع المهارات ثلاثة:
- المهارات العقلية
- المهارات النفس حركية
- المهارات الاجتماعية وتشمل:
- المهارات في العلوم الإنسانية
بعد التعرف على أنواع المهارات ينبغي عليكم الآن التعرف على استراتيجيات التدريس الأكثر استخدامًا عند بناء وتدريس المهارات وهي كالآتي:
استراتيجيات تدريس المهارات
أولًا: استراتيجية الأجزاء
تدريس الطلبة الأجزاء التي تتكون منها المهارة وتدريبهم على كل جزء لوحده.
ثانيًا: استراتيجية الكل
تدريس الطلبة على المهارة كوحدة واحدة بدلًا من التركيز على تدريس كل جزء لوحده، وتوجيه الطلبة إلى التسلسل في الأجزاء المكونة للمهارة.
التدرب على المهارات
أعزاءنا القراء، لنتأمل أي لعبة رياضية، هل يكتفي المدرب بتعريف اللاعبين على اللعبة بشكلها العام وتوليد الشغف لديهم للعبها لتحقيق نجاح باهر في كل من البطولات المحلية والعالمية وتدأية مهارات اللعبة الرياضية بفاعلية؟
بالطبع لا، السر في تدريس المهارات يكمن في مصطلح التدريب ثم التدريب ثم التدريب لأن الإتقان والدقة والسرعة تعد من شروط تعلم المهارات واكتسابها وتعليمها، وتدريب الطلبة على مهارة ما فعليًا سيزيد ثقتهم بأنفسهم ويؤكد على مدى اكتساب المهارة واتقانها ويزيد من دافعية الطلبة للتعلم خاصة عند التنويع بالأنشطة التدريبية المقدمة والبعد عن تقديمها نفسها في كل مرة.
لتحقيق تدريب فعال عليكم أخذ النقاط الآتية بعين الاعتبار:
تقديم التغذية الراجعة للطلبة
تزويد الطلبة بالتغذية الراجعة البنّاءة أي تزويدهم بالمعلومات الصحيحة التي توضح لهم مستوى أدائهم للمهارة ضمن مادة دراسية معينة ليتسنى لهم مقارنة أدائهم الحقيقي بالأداء القياسي للمهارة، ومن المهم في النظام التعليمي أن يكون لدى المعلم أو المعلمة الكفايات الخاصة بتقديم التغذية الراجعة للطلبة لأنها تساهم في تطور وتحسين اداء الطلبة خلال عملية التعليم والتعلم بشكل ملحوظ.
تعزيز الطلبة
أي مكافأة الطلبة على سلوك ما وتكمن أهميتها في ظهور ذلك السلوك مرة أخرى في ظروف مماثلة، ولا بد من أن يكون التعزيز فوري عند ظهور السلوك المرغوب، وهنا يختار المعلم أو المعلمة نوع المكافأة المناسب للطلبة.
التدريب المُنظّم
يجب على المعلمين عند تدريب الطلبة في الصف أن يأخذوا بعين الاعتبار توزيع التدريب على فترات متقاربة مما يساعد الطلبة على التذكر والبناء على معرفتهم السابقة، وعدم تقديم المهارت المراد التدرب عليها دفعة واحدة بل الحرص على تجزئتها على أجزاء أو أقسام محددة للوقوف على نقاط الضعف وتقويتها بهدف تطوير وإتقان المهارات.
- التنويع في التدريب المُقدّم للطلبة
من المهم أن يختار المعلمون وينوعوا في أساليب التدريب المُقدّمة للتعليم لأن التدريب الذي يستمر بنفس الأسلوب يؤدي إلى الملل، وأهمية التنويع تكمن في إتقان الطلبة للمهارة لأنه تدريب مكرر ويمكن التنويع في التدريب عن طريق استخدام الألعاب وطرح الأسئلة ومن المهم إعداد ملف خاص بالأنشطة المستخدمة في تدريب الطلبة من قبل المعلمين والمعلمات بما يتناسب مع المنهج المقدم للرجوع إليه عند الحاجة وبكل سهولة.
إجراءات عامة عند تدريس المهارات للطلبة
يقوم المعلمون عند تعليمهم المهارة بمجموعة من الإجراءات ومنها:
- التقديم للمهارة: يعني العرض الواضح أو التقديم للمبادئ الإرشادية والتعليمات التي تُساعد الطلبة على توضيح ماذا سيفعلون وكيف سيفعلونه، وقد توضح هذه التعليمات سلسلة الخطوات التي يجب عليهم التعرف عليها لاتباعها.
- التفسير: يقصد به مساعدة الطلبة على فهم المبادئ والإرشادات، وإعادة صياغتها بلغة أبسط وأوضح حيث أنها تلعب دور مهم في جعل الطلبة قادرين على تنفيذها والقيام بها، وفي بعض الأحيان يحتاج المعلمون إلى مراجعة الطلبة لبعض المعلومات الواردة في المادة الدراسية السابقة الضرورية لاكتساب المهارة الحالية.
- التبرير: يعني الاهتمام بالتأكيد على مجموعة من المبادئ الإرشادية التي تُعطي النتيجة الصحيحة، وقد يكون التبرير من خلال التأكد من صحة النتيجة بالوسائل الأخرى.
- التدريب: يقصد به التطوير من قدرات الطلبة على إتمام العمل بسرعة ودقة.
في النهاية تدريس طلبتكم وتعليمهم لن يكون بالمهمة الشاقة بالنسبة لكم لأن تدريس كل من القيم والاتجاهات والمهارات أصبح واضح المعالم والتفاصيل فاستراتيجيات وطرق تدريس كل منها أصبح بين إيديكم، كما يمكنكم توظيف هذه الاستراتيجيات بما يتناسب مع قدرات طلبتكم وحاجاتهم وما يتناسب مع أهداف التعليم ونتاجات التعلم الخاصة بكم وبطلبتكم لتكون رحلة تعلمهم فاعلة وناجحة.