الثقافة المدرسية

الثقافة المدرسية School Culture

أعزاءنا القراء جميعنا يتفق  أن المدرسة هي ركن أساسي من أركان المجتمع في العالم أجمع لأن مهامها لا تقتصر فقط على  الدراسة وتعليم الطلبة بل تتعدى ذلك إلى إعداد مواطنين فاعلين يخدمون المجتمع ويُساهمون في تطوره، فالمدرسة مسؤولة عن تثبيت مجموعة من القيم والمبادئ كالعمل الجماعي والمواطنة الصالحة والتعاون وغيرها من القيم المُهمة ولكن لن يتم ذلك إلا من خلال وجود ثقافة مدرسية قوية وسليمة بين أعضاء المجتمع المدرسي، لذلك سيركز هذا المقال بين صفحاته على الثقافة المدرسية مفهومها وأهميتها ومكوناتها.

مفهوم اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ المدرسية

منظومة من القيم والمعايير والمعتقدات والاتجاهات والقواعد والمبادئ والممارسات التي تتكون مع الوقت في المدارس الحكومية (Public Schools) وفي المدارس الخاصة (Private Schools)  في وزارة التربية والتعليم نتيجة حصيلة تفاعل المجتمع المدرسي مع بعضه البعض وحل أفراده للمشاكل والتحديات التي تواجههم وترسيخ أهم مبادئ المواطنة الناشئة والتي تساهم في بناء مجتمع قوي.

أعزاءنا القراء تناول كتاب “الثقافة المدرسية” للمؤلف بدران وآخرون إمكانية تشكيل الثقافة المدرسية السائدة بمرور الزمن التي من خلالها يتم استذكار وإعادة التركيز على أهمية التراث والعادات الغنية في الحياة عمومًا؛ فالثقافة المدرسية تهدف (Aimed) إلى تمكين أعضاء الطاقم المدرسي من التعامل مع بعضهم البعض وممارسة وتجربة مبادئ العمل الجماعي.

 وهنا نؤكد أن الثقافة المدرسية (School Culture) ليست مجموعة من الإجراءات العامة المكتوبة في وثيقة رسمية ولكنها  تعتبر اليوم تاريخ مدرسي مُشترك يتفاعل معه أعضاء الطاقم المدرسي بكل تفاصيله ومحتوياته. 

 الثقافة المدرسية خصائصها وأهميتها ضمن عملية التعليم والتعلم 

  • تعكس هوية المجتمع المدرسي بشكل عام الذي تتبلور فيه أهم القيم والمبادئ.
  • تُمز المدرسة عن باقي المدارس.
  • تُحدد القيم والاتجاهات والسلوك التي تؤثر على تصرفات طاقم العمل.
  • تُحدد كيفية التواصل داخل المؤسسة التعليمية.

الجوانب التي تُؤثر فيها الثقافة المدرسية

  • طرق تأمل ووعي الطاقم المدرسي لما يدور في المدرسة من أحداث  في كل سنة.
  • مدى معرفة الطاقم المدرسي بالأمور المسموح والمحظور التحدث بشأنها.
  • أساليب استثمار الطاقم المدرسي للمصادر المدرسية المختلفة.
  • طرق تعبير الطاقم المدرسي عن أفكارهم وآرائهم ومعتقداتهم.
  • طرق التدريس والتقييم والجو التعليمي السائد في الغرفة الصفية.
  • دافعية الجميع للعمل من أعماق قلبهم والإنجاز وتجاوز التحديات.
  • دور وقدرة الطاقم المدرسي على العمل الجماعي والتخطيط للمستقبل.
  • طرق تعامل الطاقم المدرسي في المواقف على اختلافها وتنوعها كالمواقف الشخصية ومع الضيوف والزوار القادمين إلى المدرسة.

مكونات الثقافة المدرسية

  • التقاليد المدرسية
  • شبكة التواصل غير الرسمي
  • البيئة المدرسية الخارجية
  • القصص والأحداث التاريخية
  • الطقوس والاحتفالات

أمثلة على مكونات الثقافة المدرسية

أولًا: التقاليد المدرسية

تهدف إلى تحسين عملية التعلم وإعادة تشكيلها بالإضافة إلى تعديل اتجاهات الطلبة نحو المدرسة، فعلى سبيل المثال قام مدير إحدى المدارس الثانوية  بإرساء تقاليد ثقافية جديدة في مدرسته وذلك  بواسطة الآتي:

  • وضع أسماء جميع الطلبة الملتزمين بالدوام الرسمي والمتميزين في إكمال واجباتهم المدرسية أسبوعيًا في صندوق الطلبة المتميزين.
  • اختيار ثمانية أسماء عشوائيًا من الصندوق مساء كل يوم خميس.
  • توجيه دعوة رسمية للطلبة الثمانية المختارين لحضور اجتماع الطاقم المدرسي.
  • تكريم الطلبة من قبل المدير والاستماع إلى وجهة نظرهم في مواضيع ينبغي أن يقترحونها لتحسين ظروف تعلمهم.

ثانيًا: شبكة التواصل غير الرسمي/ 1 

تفعيل أسلوب التواصل الاجتماعي غير الرسمي وتسهيل تبادل المعلومات بين أعضاء الطاقم المدرسي على سبيل المثال قام مدير إحدى المدارس الثانوية بإلاجراءات الآتية:

  • تشجيع تبادل المعلومات في المجتمع المدرسي بحرية.
  • التأكد من سلامة المعلومات المتبادلة.
  • تقبل الاستفسارات حول المعلومات المتبادلة والإجابة عنها.

ثالثًا: شبكة التواصل غير الرسمي/ 2

تهدف إلى تشجيع قيم التشارك والعمل الجماعي وتبادل الخبرات بين أعضاء الطاقم المدرسي وتوطيد العلاقات بينهم للوصول إلى حلول مشتركة للمشاكل التي يُمكن أن تُواجههم، فعلى سبيل المثال قامت إحدى الإدارات بالإجراءات الآتية:

  • وضع لوحة كبيرة في غرفة المعلمين مكتوب عليها مطلوب مساعدة.
  • وضع صندوق يحتوي على أقلام وبطاقات مُلونة يستخدمها  المعلمون لكتابة المشكلة او التحدي الذي يحتاجون إلى مساعدة فيه.
  • يكتب كل معلم/معلمة المشكلة التي تُواجههم.
  • تُتاح الفرصة لأي معلم/معلمة لكتابة اضاءات ممكنة لحل المشاكل المسجلة على نفس البطاقة.

رابعًا: البيئة المدرسية الخارجية

تعكس البيئة المدرسية الخارجية ثقافة المدرسة حيث يستطيع الجميع معرفة الجو الثقافي العام للمجتمع المدرسي، وفي إحدى المدارس قامت الإدارة بالاهتمام بالبيئة المدرسية الخارجية من خلال إطلاق فكرة (الجدران تتحدث) وفق الفعاليات أو الإجراءات الآتية:

  • الاهتمام بجمع العبارات الثقافية والكلمات وكتابتها على الجدران الخلفية للمدرسة.
  • الاهتمام بنظافة البيئة المدرسية الخارجية باستمرار.
  • تعليق لوحات إرشادية وتوجيهية في المرافق المختلفة للمدرسة.
  • الاهتمام بلوحات الإعلانات والمجلات الحائطية في المدرسة.

أشكال الثقافة المدرسية

يشير كتاب (الثقافة الصحية والصحة المدرسية) المؤلف من قبل محمد بدح وآخرون إلى انواع الثقافة المدرسية فمنها الثقافة الإيجابية والثقافة السلبية والثقافة السامة ولكل نوع من هذه الأنواع خصائص وميزات وآثار تنعكس بصورة مباشرة على الطاقم المدرسي ثم على الطلبة وتحصيلهم وهذا يتطلب من إدارة المدرسة البحث  والتعرف على أهم هذه الأنواع وخصائصها وطرق التعامل معها للوصول إلى ثقافة مدرسية ناجحة.

أولًا: الثقافة المدرسية الإيجابية

الثقافة المدرسية الإيجابية تقدم بيئة تساهم في تنشيط الطاقم المدرسي لتقديم المزيد من الخدمات والزيادة من الإنتاجية والتشجيع والتفاؤل.

للثقافة المدرسية الإيجابية مجموعة من العوامل منها:

  • القيم المهنية الأساسية المشتركة مثل قيم التعاون وتحسين الأداء المستمر.
  • المهمات التي يتم من خلالها تحسين نوعية التعلم وربطه عمليًا بواقع الطلبة.
  • التوقعات العالية حول قدرات الطلبة والمعلمين.
  • الإحساس الفكري المشترك بالمسؤولية اتجاه عملية تعلم الطلبة.
  • التزام المجتمع المدرسي بتبادل المعرفة والخبرات.
  • الاحتفال بالإنجاز والاعتراف بقصص النجاح والاعتزاز بها.
  • التفكير والتواصل الإيجابي الذي يُشجع على بث الروح الإيجابية في المجتمع المدرسي.
  • الاعتقاد بإمكانية نمو الطلبة نفسيًا ومعرفيًا وعاطفيًا ضمن المناهج.

ثانيًا: الثقافة المدرسية السلبية

يستنزف هذا النوع من الثقافة طاقة الطاقم المدرسي ويؤدي إلى بروز بعض المؤشرات السلبية في علاقاتهم مثل:

  • التعبيرات الساخرة اتجاه أي فعاليات أو محاولات لإحداث التغيير الإيجابي في المدرسة.
  • التأكيد على المحاولات الفاشلة التي سبق وقام بها الطاقم المدرسي مثل فشل الطاقم المدرسي في تخريج طلبة ذوي تحصيل مرتفع.
  • الاعتقاد السلبي والتشاؤمي الذي يضاف اتجاه أي محاولة فردية تتعلق بالثقافة أو الفنون أو اللغات أو حتى من ناحية إدارية تقود إلى التغيير.

تكمن أولى خطوات مواجهة هذا النوع من الثقافة من قبل مدير المدرسة في إرساء قواعد الاستماع الفعّال بين أعضاء الطاقم المدرسي والاهتمام بآرائهم وتوجهاتهم وإيجاد البدائل الإيجابية المقنعة لهم كما أنه من الضروري أن يُساهم مدير المدرسة في دفع الجميع إلى التعرف على هذه المجموعات ومحاولة فهم العوامل والأسباب الكامنة وراء تمسكهم بهذه المتعتقدات والقيم السلبية من خلال وصفه لها وكيف يُمكن لهم مواجهتها.

ثالثًا: الثقافة المدرسية السامة

تُؤدي الثقافة المدرسية السامة إلى إحباط الأفراد من الناحية النفسية أو طرد الأفراد الإيجابيين ويتمثل ذلك من خلال استنزاف طاقتهم إلى أبعد حد مُمكن أو من خلال  التدخلات أو القيام بمجموعة من محاولات التغيير التي يُمكن أن يقوموا بها وإبقاء الوضع الحالي كما هو في المدرسة.

من معالم الثقافة المدرسية السامة الآتي:

  • ضعف الرؤية المشتركة بين أعضاء المجتمع المدرسي.
  • التركيز على الفشل من خلال إعلان ونشر القصص التي تُثبت ذلك.
  • تدني الإحساس بالمسؤولية اتجاه المجتمع المدرسي.
  • الاعتقاد السلبي تجاه الطاقم المدرسي والطلبة ووصفهم بأنهم فاشلين.
  • عدم تقبل أي نماذج إيجابية في المجتمع المدرسي.
  • اختفاء الأمل والأحلام والرؤية المشتركة والدروس المستفادة.

يستطيع مدير أو مديرة المدرسة مواجهة هذا النوع من الثقافة عن طريق دراسة واتباع الخطوات الآتية:

  • تحديد الأفراد الإيجابيين الذين أثرت عليهم هذه الثقافة ولم يستطيعوا التعامل معها.
  • تشكيل وتكوين نواة تغييرمن الأفراد الذين تم اختيارهم وبناء خطة عمل للتغلب على هذا النوع من الثقافة.
  • تنظيم وتوفير فرص النمو المهني المستمر لتطوير أداء هذه المجموعة على الصعيد العلمي والثقافي. 

في نهاية المقال، لا بد من التأكيد على أنه يقع على عاتق مدراء المدارس من بداية المشوار المدرسي إرساء قواعد الثقافة المدرسية وتوضيح أثر وجودها والالتزام بها، وتشجيع الطاقم المدرسي على ممارسة ما يُسهم في تثبيت هذه الثقافة والتطوير عليها لتصبح الثقافة المدرسية هوية المدرسة التي تميزها عن غيرها من المدارس، ولا تنسوا أنه من المهم أن تكون هذه الثقافة ذات منظور فكري إيجابي خاص بالطاقم المدرسي ويجب أن تكون مرتبطة بتوجهات ورؤية وزارة التربية والتعليم.

المراجع

الكلمات الدلالية

أحدث المواضيع