أعزاءنا القراء ضعوا حياتكم اليومية تحت عدسة مكبرة، وأجيبوا عن الأسئلة الآتية:
هل تضعون أهدافكم بداية كل سنة جديدة؟
هل تخططون لتحقيق هذه الأهداف بوضع خطط سنوية أو شهرية أو أسبوعية أو حتى يومية؟
هل تضعون خططًا بديلةً لمواكبة التغيير والتكيف مع الأمور الطارئة؟
قد تتفاوت إجاباتكم بين نعم أو لا، ولكن السؤال المهم هنا، هل تخلو حياتكم من التخطيط؟
بالتأكيد ستكون الإجابة لا، وللتأكيد على ذلك سنطرح عليكم الأمثلة الآتية:
الأغلبية يقومون بالتخطيط لقضاء عطلة نهاية الأسبوع اعتمادًا على الحاجات المطلوبة والإمكانات الموجودة، بالإضافة إلى التخطيط اليومي للذهاب للعمل أو لقضاء حاجات المنزل أو حتى لزيارة الأقارب.
وإذا تأملتم حياتكم الشخصية والعملية ستلاحظون أنها تجمع بين خطط قريبة المدى وبعيدة المدى وهذا دليل على أن التخطيط جزء مهم وأساسي وغير مفصول عن حياة أي شخص، وليس ذلك فحسب بل التخطيط ضمان للقيام بالأمور الحياتية بشكل ممنهج وفاعل.
ومن هنا فإن التخطيط يتمتع بمكانة مميزة في الحقل التربوي لما له من أثر كبير على جودة العملية التعليمية التعلمية. لذلك سنسلط الضوء في هذا المقال على مفهوم التخطيط وأهميته ومهاراته ومتطلبات النجاح به.
مفهوم التخطيط
عند الحديث عن التخطيط لا بد من توضيح مفهوم التخطيط بصورته العامة والتخطيط المرتبط بالعملية التعليمية التعلمية كالآتي:
التخطيط: أسلوب علمي يتم بموجبه وضع التدابير العلمية اللازمة لتحقيق أهداف مستقبلية معينة.
التخطيط للتدريس: مجموعة من الخطوات والإجراءات والتدابير التي يتخذها المعلمون مسبقًا قبل تنفيذ الدرس لتحقيق تعلم أفضل للطلبة.
يتميز التخطيط بالنظرة المستقبلية والتنبؤ بالمشكلات التي يمكن مواجهتها، فسرعان ما يمد التخطيط يد العون لصاحبه من خلال تحضير حلول في حال التعرض للمشكلات المتنبأ بها. فالتخطيط يعتبر أسلوبًا علميًا يتم بموجبه وضع التدابير العلمية اللازمة لتحقيق أهداف ونتاجات مستقبلية معينة.
أهمية التخطيط التربوي
قد اتفقنا في مقدمة المقال أن التخطيط عامل مهم من عوامل النجاح على الصعيد الشخصي أو العملي لذلك يحظى التخطيط بمكانة مميزة في الحقل التربوي ويمكن إبراز أهمية التخطيط التربوي من خلال الآتي:
تشخيص الواقع بمجالاته المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تحديد النتاجات التربوية والتعليمية وترتيبها حسب الأولوية.
ترجمة النتاجات إلى خطط وبرامج تعليمية.
توفير فرص الاختيار بين البدائل المتوفرة في البرامج والوسائل والإجراءات وتحديد الأنسب لتحقيق متطلبات تنمية المجتمع ما يناسب الإمكانات والموارد المتاحة.
تمكين النظام التربوي من مواكبة التطورات والاتجاهات التربوية المعاصرة.
أهمية التخطيط للتدريس
إدارة الوقت: تعتبر إدارة الوقت من الأمور المهمة في التخطيط للتدريس سواءً على المستوى اليومي أو الفصلي، فالتخطيط يساعد على إدارة الوقت من خلال توضيح الدرس خطوة خطوة وتوزيع أقسامه بشكل متسلسل، وإعطاء كل درس حقه بالوقت المحدد والكافي له.
بناء ثقة المعلمين بأنفسهم: يعطي التخطيط للمعلمين ثقةً بأنفسهم لأنه يوفر فرصة المعرفة الشاملة والكاملة بما سيقومون به أثناء الحصص الدراسية، خصوصًا إذا تم اتباع أساليب تدريس حديثة تقوم على مبدأ التعليم الفعال واستخدام آليات تعليمية جديدة.
تحقيق النتاجات: يتيح التخطيط للمعلمين فرصة تقييم الطلبة بشكل دقيق ومعرفة فهمهم ومواءمة طريقة التدريس لهم، فيتمكن المعلمون من قياس مدى تحقق النتاجات.
توفير المواد اللازمة: يتيح التخطيط للمعلمين فرصة توفير المواد والوسائل التعليمية اللازمة لإعطاء الحصص الدراسية على أكمل وجه، فلا يتم استئناف الحصص الدراسية من أجل توفير المواد أو الأدوات أو الوسائل التعليمية على حساب وقت الحصص الدراسية، أو يتم تأجيل بعض الأفكار فيتشتت الطلبة لعدم شرح الأفكار بالتسلسل المطلوب مما يؤدي إلى عدم تحقيق النتاجات المرجوة.
مواجهة المشاكل المتوقعة: يساعد التخطيط المعلمين على إيجاد الحلول المناسبة لأية مشكلة محتملة يمكن أن تظهر أثناء إعطاء الحصة الدراسية فالتخطيط يُزود جعبة المعلمين بعدد من الحلول والطرق البديلة لمواجهة أي مشكلة.
مساعدة المعلمين الجدد: يمكن للمعلمين الجدد استخدام خطط معلمين ذي خبرة وكفاءة عالية في التدريس لتكون لديهم نماذج قوية يمكنهم استخدامها في بداية حياتهم العملية مع الانتباه إلى اختلاف حاجات الطلبة مما يترتب عليه ضرورة إعادة النظر في الخطط لضمان مواءمتها لحاجات طلبتكم.
القضاء على الملل: يساعد التخطيط المعلمين على تحضير أنشطة ومواد لازمة بشكل مسبق للحصص الدراسية، فلا يكون هناك وقت ضائع أثناء إعطاء الحصص الدراسية مما يساهم في عدم شعور الطلبة بالملل بسبب عدم وجود شيء يتعلمونه، فاتباع خطوات الخطة الدراسية يساهم في إيجاد عنصر التشويق لدى الطلبة لأن جميع هذه الخطوات تم تحضيرها مسبقًا، وموضوعة بالتسلسل المناسب، فلا يضطر المعلمون لإعطاء أي شيء فقط لتمضية الوقت دون أي فائدة يحصلون عليها الطلبة.
مهارات التخطيط
للقيام بعملية التخطيط بشكل فاعل لا بد من تسليط الضوء على مجموعة من المهارات المتعلقة بالتخطيط كالآتي:
تحديد النتاجات بحيث تكون النتاجات واقعية وقابلة للقياس.
دراسة العوامل المحيطة مثل العوامل الاقتصادية والاجتماعية وظروف البيئة.
تحديد الإمكانات المتاحة.
جمع البدائل واختيار الأفضل لتحقيق النتاجات.
تحديد الوقت اللازم لتحقيق نتاجات التعلم.
اختيار الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق النتاجات.
متطلبات النجاح في التخطيط للتدريس
لضمان قيامكم بالتخطيط لحصصكم الدراسية بشكل ممنهج وناجح لا بد من مراعاة المتطلبات الآتية:
معرفة الطلبة: أي حصول المعلمين على معلومات شخصية أساسية تخص جميع الطلبة ومعرفة قدراتهم العقلية والنفسية والجسدية.
معرفة المادة الدراسية: أي أن يقوم المعلمون بدراسة المادة وتحليل المحتوى بصورة صحيحة.
معرفة البيئة الصفية: أي أن يكون لدى المعلمين معرفة بعدد المقاعد الدراسية وعدد الطلبة ومدى توفر الإمكانات المادية وتوفر الوسائل التعليمية ومصادر التعلم الرقمية وغير الرقمية.
معرفة النتاجات التربوية: عند التخطيط للتدريس يجب الإلمام بالنتاجات التربوية لأنها متطلب رئيسي ومهم في عملية التدريس، ويجب على المعلمين أن يعرفوا رؤية وفلسفة التعليم والأهداف التربوية العامة.
معرفة استراتيجيات التدريس: لا تكتمل عملية التخطيط إذا لم تكن هنالك معرفة كافية باستراتيجيات التدريس وخاصة الحديثة منها لمواكبة التجديد وعدم الاكتفاء بمعرفتها بل كيفية تطبيقها.
معرفة استراتيجيات التقويم المناسبة: عند التخطيط لحصص الدراسية لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التقويم واستراتيجياته وأدواته واختيار أو تصميم ما يتناسب مع حاجات الطلبة ومستواهم بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار المحتوى الدراسي والنتاجات المحددة.
في نهاية هذا المقال، لنتفق أن مفتاح نجاح أي خطوة في الحياة هو التخطيط، ولكن لنضع بعين الاعتبار أن التخطيط لوحده دون التنفيذ هو عبارة عن أحلام غير محققة. فالتخطيط صديق للتنفيذ والعكس صحيح فاجعلوا التخطيط أولوية في حياتكم الشخصية والعملية لتتمكنوا من وضع أمنياتكم وأحلامكم ضمن حيز التنفيذ الفعلي.