استراتيجيات التفكير ما وراء المعرفي Metacognitive Thinking Strategies
استراتيجيات التفكير ما وراء المعرفي Metacognitive Thinking Strategies
تقول المدربة التعليمية المتخصصة في تقنيات ما وراء المعرفة تمارا روزير (Tamara Rosier) “التفكير وراء المعرفي يعلمنا عن أنفسنا والتفكير في تفكيرنا ينتج لنا منظورًا جديدًا عما حولنا ويترك لنا مجالًا للتغيير.”
لتوضيح مقولة تمارا (Tamara) إليكم المثال الآتي:
كثيرًا ما تسمعون تذمر طلبتكم من الاختبارات، أليس كذلك؟
عندما تسمعونهم يقولون “اختبارات الرياضيات تجعلنا نشعر بالقلق،” اطلبوا منهم التوقف عن التذمر والقلق ووجهوهم إلى أن يسألوا أنفسهم “ما الشيء الذي يجعلهم يشعرون بالقلق من اختبارات الرياضيات؟ وما الذي يمكنهم فعله لتغيير ذلك؟”
من خلال هذه الأسئلة نستطيع إخباركم أنكم تضعون طلبتكم على أولى درجات التفكير ما وراء المعرفي في هذه المشكلة (اختبار الرياضيات). هذا الأمر سينعكس حتمًا بشكل إيجابي على تعلم طلبتكم فأنتم حينما تخبرون طلبتكم أنهم جيدون أو سيئون في مهمة معينة سيتكون لديهم عقلية ثابتة في التعامل مع أي مهمة، في المقابل لو ساعدتم طلبتكم على معرفة السبب وراء كونهم جيدين أو سيئين في هذه المهمة ستضمنون بكل تأكيد استفادتهم من هذه الأسباب مستقبلًا في المهمات والخبرات اللاحقة. وتخبرنا العديد من الدراسات بأن الطلبة الذين يتم تعليمهم استخدام استراتيجيات التفكير ما وراء المعرفي في وقت مبكر هم أكثر مرونةً وأكثر نجاحًا سواء كانوا داخل المدرسة أو خارجها.
هذا المقال يقدم لكم ثلاث استراتيجيات من شأنها أن تساعدكم على معرفة الطريق إلى ما وراء المعرفة.
أولًا: العصف الذهني Brainstorming
تستطيعون استخدام استراتيجية العصف الذهني عندما تريدون توليد وإنتاج أفكار وآراء إبداعية من طلبتكم لمعالجة موضوع مُحدد أو مشكلة مُعينة. واستراتيجية العصف الذهني ليست عملية اتخاذ قرار حول الموضوع أو المشكلة موضع الدراسة، إذ يتم اتخاذ القرار بعد انتهاء عملية العصف الذهني واستنفاذ الطلبة لجميع أفكارهم. ويستخدم العصف الذهني لكسر حاجز التفكير التقليدي في حل المشكلات ولتوليد طرق جديدة للتفكير ولتوفير بيئة آمنة لطرح أفكار جديدة.
استراتيجية العصف الذهني ليست استراتيجية عشوائية ووليدة اللحظة بل لها قواعد وأسس عليكم الالتزام بها عند تنفيذها، هل تعرفون هذه القواعد؟
قواعد أساسية يجب أن يلتزم بها المعلمون والطلبة عند توظيف العصف الذهني
لا حدود للتفكير.
عدم التقيّد بعدد معين من الأفكار.
تقبّل جميع الأفكار حتى غير المكتمل منها.
عدم نقد الأفكار أو الاستهزاء منها أو الحكم عليها.
عدم استبعاد الأفكار حتى لو كانت بينك وبين نفسك.
تقديم الأفكار بشكل سريع.
عدم طرح الأسئلة.
تحديد زمن تقديم الأفكار.
خطوات تطبيق العصف الذهني
أنتم تملكون حرية الاختيار بأن تكونوا ميسري جلسة العصف الذهني أو أن تختاروا أحد الطلبة ليكون ميسر أو ميسرة الجلسة ولكن ننصحكم في المرة الأولى لجلسة العصف الذهني أن تديروا أنتم الجلسة، ثم:
حددوا مشكلة الدرس التي سيتم توليد الأفكار حولها على شكل سؤال أو مشكلة أو قضية مثيرة للتفكير.
اكتبوا هذه المشكلة بشكل واضح أمام الطلبة.
حددوا زمن الجلسة بشكل واضح.
ذكروا طلبتكم بقواعد العصف الذهني.
أتيحوا المجال لطلبتكم لطرح الأفكار وقوموا بتسجيلها على اللوح أو صحيفة العمل.
شجعوا جميع الطلبة على طرح الأفكار.
توقفوا عند انتهاء الوقت.
نظموا الأفكار مع طلبتكم حسب الروابط والصلات بينها.
توصلوا معًا لقرار حول المشكلة من الأفكار المطروحة.
ما رأيكم بهذه الاستراتيجية؟
هل تريدون تطبيقها مع طلبتكم؟ لا تترددوا فهي استراتيجية مهمة في تنمية التفكير ما وراء المعرفي لدى طلبتكم.
ثانيًا: الخارطة المفاهيمية Concepual Map
إحدى استراتيجيات التدريس والتقويم في آن واحد لما لها من استخدامات واسعة في المجالين، كيف؟ تستطعون استخدامها كطريقة تدريس من خلال التسلسل في عرض المفاهيم وتحديد العلاقات بين هذه المفاهيم، وتستطيعون توظيفها في عملية التقويم من خلال السؤال عن العلاقات أو تسلسل أو تدرج المفهوم.
طريقة عمل هذه الاستراتيجية سهلة جدًا فالقمة فيها للمفاهيم الأكثر شمولًا وعمومية، ثم تتدرج المفاهيم لتكون أكثر تحديدًا نحو القاعدة، وترتبط المفاهيم مع بعضها بأسهم رابطة توضح العلاقة بين مفهوم وآخر.
ويمكن إجمال أنواع المفاهيم في الخارطة المفاهيمية إلى:
المفهوم الأساسي
المفهوم العام
مفهوم أقل عمومية
كلمات الربط
الأمثلة
إليكم المثال الآتي لتوضيح هذه الأنواع:
ثالثًا: خريطة الشكل V
اُشتقت خريطة الشكل (V) من نظرية أوزوبل (Ausubel) التي تعتمد على (مفهوم التعلم ذي المعنى) الذي يتحقق عندما ترتبط المعلومات الجديدة بوعي وإدراك من الطلبة بالمفاهيم والمعرفة الموجودة لديهم سابقًا وتمثل هذه الخريطة طريقة للاكتشاف، حيث تساعد الطلبة على فهم التفاعل بين المعرفة السابقة والمعرفة الجديدة التي يحاولون فهمها كما تؤكد على التفاعل المستمر بين ما تم ملاحظته وما يتم إجراؤه واستنباطه من مفاهيم ومبادئ ونظريات تساعد في توجيه البحث العلمي، وهي عبارة عن استراتيجية تعليمية توضح التفاعل القائم بين البناء المفاهيمي والبناء الإجرائي.
مكونات خريطة الشكل V
السؤال الرئيسي: هنا تستخدمون أدوات الاستفهام ماذا، ما وكيف لصياغة السؤال.
الأشياء والأحداث: المواد التي تلزم طلبتكم للقيام بالتجربة أو تنفيذ النشاط.
الجانب الأيسر: يُسمى بالجانب التفكيري (النظري) ويشتمل على:
المفاهيم: مجموعة أو صنف من الأشياء أو الحوادث أو الرموز الخاصة التي تُجمع معًا على أساس خصائصها المشتركة مثل: الانصهار، التجمد، الاحتباس الحراري.
المبادئ: أفكار تأخذ صورة شرطية مثل: يزداد حجم الغاز بارتفاع درجة الحرارة.
النظريات: مجموعة من التصورات الذهنية الفرضية التي تتكامل في نظام معين يوضح العلاقـة بين مجموعة من الحقائق والمفاهيم والمبادئ والقواعد والقوانين.
الجانب الأيمن: هو الجانب الإجرائي ويشتمل على:
البيانات أو التسجيلات: عبارة عن تسجيلات الطلبة الصحيحة للأحداث والأشياء التي قاموا بملاحظتها.
التحويلات (معالجة البيانات): تحويل التسجيلات إلى خرائط أو جداول أو رسم بياني أو إحصاءات.
المتطلبات المعرفية: الاستنتاجات التي تجيب عن الأسئلة الرئيسية.
المتطلبات القيمية: الاتجاهات الإيجابية والسلبية حول موضوع الدرس.
خطوات تطبيق خريطة الشكل V مع طلبتكم
ابدأوا بالسؤال الرئيسي مع طلبتكم ونبهوهم أن السؤال الرئيسي يوجد في أعلى الخريطة.
قدموا المفاهيم الواردة في الدرس.
قدموا الأشياء أو الأحداث من خلال إعطاء طلبتكم المواد والأدوات اللازمة لهم لإجراء التجربة وتوضيح خطوات العمل المطلوب منهم تنفيذها.
نبهوا طلبتكم إلى تسجيل الملاحظات التي يتوصلون إليها من خلال الأحداث والأشياء.
وجهوا طلبتكم إلى تنظيم تسجيلاتهم على شكل رسوم بيانية أو جداول أو رسوم تخطيطية.
وجهوا طلبتكم إلى الإجابة عن السؤال الرئيسي من خلال تسجيلاتهم التي قاموا بتنظيمها.
قوموا بكتابة المبدأ الذي توصل له الطلبة بناءً على الملاحظات التي قاموا بجمعها وتنظيمها.
ناقشوا طلبتكم بالقيمة المستخلصة من التجربة من خلال مناقشة اتجاهاتهم الإيجابية والسلبية نحو موضوع الدرس.
استخدامات خريطة الشكل V
تستخدم في إعداد تقارير تجارب مختبر العلوم قبل تنفيذها وأثناء التجربة وبعدها.
تحليل المواد الإبداعية مثل تحليل المنتج النهائي لأي عمل إبداعي للكشف عن نقاط القوة والضعف الخاصة به.
عزيزي المعلم … عزيزتي المعلمة
كلما كان طلبتكم قادرين على فهم عملية تعملهم، كيف حدثت؟ ولماذا واجهتمهم صعوبات؟ كيف استطاعوا التعامل مع هذه الصعوبات؟ هل يمكنهم استخدام طريقتهم هذه في التعامل مع صعوبات من نوع آخر؟ سيمتلكون القدرة على التفكير ما وراء المعرفة؛ ليس ذلك فحسب، بل سيضمنون وصولهم إلى النجاح. لذلك ننصحكم بتعويد طلبتكم على الأسئلة المفتوحة والسابرة التي تتيح لهم معرفة المشكلة وسببها وكيفية التعامل معها وكيفية الاستفادة منها في المستقبل.
عبد القادر، شروق (2002). أثر استخدام اسـتراتيجيات مـا وراء المعرفـة علـى الاسـتيعاب القرائـي لطالبـات الصـف العاشــر الأساســي فــي مديريــة تربيــة الرصــيفة. رســالة ماجستير غير منشورة جامعة اليرموك. الأردن.
الزعبي، طلال (2003). العلاقة بين اسـتخدام اسـتراتيجية الخـرائط المفاهيمية في تدريس مادة مناهج البحث في التربية وعلم النفس لطلبـة دبلـوم التربية واكتسابهم مهارات البحث العلمي وتحصيلهم لمفاهيمه. كلية العلـوم التربوية.30 (2)، 369 – 385.
الخطيب، عمر وآخرون (2008). أثر استخدام خريطة الشكل (V) في تحصيل المفاهيم الفقهية وتكوين بنية مفاهيمية متكاملة لدى طلبة جامعة الحسين بن طلال. مجلة العلوم الإنسانية. (45).
سلامة، عادل وآخرون (2009). طرائق التدريس العامة: معالجة تطبيقية معاصرة (ط1). عمان. دار الثقافة للنشر والتوزيع.