الصف المقلوب

الصف المقلوب Flipped Classroom

“التعلم المتمركز حول الطلبة” من أكثر العبارات شيوعًا في أروقة عمليات التطوير والتحسين التربوي، ومن المؤكد أنكم حضرتم الكثير من الدورات التدريبية التي تركز على ضرورة أن يكون الطلبة محور العملية التعليمية. لكن هل تجدون تحديًا من إيجاد الطرق العملية لذلك؟ هل تعانون من اختلاف سرعة الطلبة في عملية التعلم وعدم وجود الوقت الكافي لمتابعة تعلمهم جميعًا في نفس الوقت؟

أحد الحلول يكمن في استخدامكم استراتيجية الصف المقلوب (Flipped Classroom) التي تقلب دور كل من المعلم والطالب، وسنعرفكم في هذا المقال بشكل أكثر على استراتيجية الصف المقلوب من حيث المفهوم والأركان الرئيسة لتوظيف هذه التقنية بفاعلية والمراحل التي تمر بها عملية توظيف هذه التقنية داخل غرفكم الصفية بالإضافة إلى مزايا وسلبيات هذه التقنية وفي نهاية المقال نقدم لكم نصائح لتوظيف الصف المقلوب.

تعريف استراتيجية الصف المقلوب (Flipped Classroom)

يُعرّف الصف المقلوب بأنه نموذج تربوي يهدف إلى استخدام وتوظيف التقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت بطريقة تسمح للمعلمين بتقديم الدرس عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط المتعددة، ليطّلع عليها الطلبة في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس، في حين يُخصص وقت الحصة للمناقشات والمشاريع والتدريبات، يعد الصف المقلوب من طرق تطبيق التعلم المدمج وهناك مسميات أخرى يُعرف بها الصف المقلوب مثل الصف المعكوس أو الفصول المقلوبة أو المعكوسة أو (Flipped Learning).

الآن، هل يُمكن تطبيق استراتيجية الصف المقلوب “المعكوس” في أي مدرسة؟ ولماذا؟ ما الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار لضمان نجاح تطبيق هذه الاستراتيجية في مدارسكم وصفوفكم؟ نعم، استراتيجية الصف المقلوب يمكن تطبيقها في أي مدرسة وفي أي صف وفي مختلف المواد التعليمية مثل مادة العلوم أو الرياضيات وغيرها لكنها تعتمد على مراعاة توظيف أهم الأركان والدعائم الرئيسة في عملية قلب التعليم.

هناك أربع دعائم وأركان رئيسة يجب التركيز عليها لزيادة أثر فاعلية توظيف الصف المقلوب. لمعرفتها استمروا معنا في قراءة المقال.

دعائم وأركان توظيف استراتيجية الصف المقلوب “المعكوس” بفاعلية 

  1. بيئة تعلم مرنة: عند تطبيق استراتيجية الصف المقلوب “المعكوس” عليكم إعادة تشكيل نظام البيئة الصفية لتُناسب الفصل المقلوب ويُصبح بإمكان الطلاب اختيار أين ومتى يتعلمون. لكن كيف؟ من خلال إيجاد بيئة تعلم مرنة ذلك أن بيئة التعلم المرنة تسمح بالتعلم بأشكال وطرق مختلفة من خلال البحث عن المعلومة أو التطبيق العملي أو العمل ضمن مجموعات وفق ما يتناسب مع الموقف التعليمي ومع مستويات الطلبة ووفق متوسط سرعتهم وحاجاتهم.
  2. ثقافة التعلم: الصف المقلوب يقوم على فكرة التحول نحو الطلبة وبالتالي تغير دوركم ودور طلبتكم، حيث يتمثل دوركم بالقيام بدور المرشد والموجّه للطلبة، لكي يحظى الطلبة بفرصة أكبر في بناء معارفهم وتقييم تعلمهم بأنفسهم من خلال البحث والتعلم الذاتي وطرح الأسئلة للتوصل للمعرفة والتعلم.
  3. تصميم المحتوى: استخدام محتوى مُعدّ خصيصًا للصف المقلوب “المعكوس”، لذا يقع على عاتقكم تحديد ما يتم تقديمه من محتوى وتحديد المصادر التي سيعمل طلبتكم على استكشافها بأنفسهم، واستخدام أساليب تتمحور حول الطالب كالتعلم النشط بناءً على المرحلة الدراسية والموضوع الدراسي.
  4. معلمين أكفاء ومُدرّبين: توظيف استراتيجية الصف المقلوب “الصف المعكوس” تتطلب منكم العمل على امتلاك مهارات مختلفة كاستخدام التكنولوجيا وتوظيفها في التعليم، وتصميم الأنشطة التفاعلية وإدارة الحوار والنقاش وتقديم التغذية الراجعة للطلبة وتقييم أعمالهم. كما يجب عليكم التأمّل في ممارساتكم لتطوير وتحسين هذه الممارسات والعمل على تنمية مهاراتكم التقنّية.

مراحل توظيف استراتيجية الصف المقلوب (Flipped Classroom)

بعد التعرف على مفهوم الصف المقلوب ودعائمه الرئيسة، حان الوقت للاطلاع على كيفية التوظيف الأمثل لهذه الاستراتيجية داخل غرفكم الصفية بعيدًا عن الصف التقليدي. يمكن تلخيص خطوات تطبيق إستراتيجية الصف المقلوب من خلال اتباع ما يطلق عليه (التاءات الست) ضمن الخطوات التالية:

  1. تحديد: تحديد الموضوع أو الدرس الذي ترغبون قلب الصفّ فيه بشرط أن يكون الموضوع قابلًا للقلب.
  2. تحليل: تحليل المحتوى إلى قيم ومعارف ومهارات، وتحديد المفاهيم المهمة التي يجب على الطلبة تعلمها.
  3. تصميم: تصميم محتوى المادة العلمية بشكل تفاعلي إما من خلال فيديو تعليمي بالصوت والصورة، أو من خلال عرض تقديمي أو أي طريقة تعليمية أخرى.
  4. توجيه: توجيه الطلبة إلى المادة التعليمية المصممة والمرسلة لهم في المنزل في أي وقت قبل تنفيذ الحصة الصفية في المدرسة.
  5. تطبيق: تطبيق المفاهيم التي يتعلمها الطلبة من الفيديو أو غيره في الحصة من خلال تنفيذ مهام وأنشطة تعليم واقعية وتعاونية.
  6. تقويم: تقويم تعلم الطلاب داخل الصفوف بواسطة أدوات تقويم مناسبة مع إتاحة المجال أن يقوم طلاب أو طالبات الصف بالتقييم الذاتي.

مميزات استراتيجية الصف المقلوب (Flipped Classroom)

يتمتع التعلم باستخدام إستراتيجية الصف المقلوب “المعكوس” بمميزات كثيرة مقارنة بأساليب التدريس التّقليدي وهذه المميزات هي:

  • يتعلم الطلبة المفاهيم وفق مستوى سرعتهم الخاصة حيث يتيح التعلم بالمقلوب إعادة مشاهدة المحتوى كلما احتاجوا ذلك.
  • يشعر الطلبة بالثقة أثناء المناقشات والأنشطة داخل الغرفة الصفية بعد اطلاعهم على المادة مسبقًا.
  • تفعيل دور الطلبة في عملية التعلم الإلكتروني. 
  • يكتسب الطلبة مهارات التنظيم الذاتي.
  • يكتسب الطلاب مهارات التعلم الذاتي والعمل ضمن مجموعات.
  • يشعر الطلبة بالمتعة والإثارة من خلال الأنشطة العملية مما يجعل التعلم أكثر فاعلية.

كما أن الطلبة في الصف المعكوس حسب دراسة قام بها الدليمي (2017) تشير إلى أن الطلبة يحققون مستوى أدنى في المجال المعرفي من حيث الحصول على المعرفة وفهمها تبعًا لهرم بلوم في حين يحققون مستوى أعلى في مجال التطبيق والتحليل والتقييم مما يُسهم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي والناقد عند الطلبة. 

سلبيات الصف المقلوب (Flipped Classroom)

  • يشعر المعلمون بزيادة المهام من حيث إعداد مقاطع الفيديو أو المحتوى ومراجعتها قبل النشر ومتابعتها مع الطلبة.
  • ينظر لها بعض الطلبة على أنها سلبية لكونها تتطلب منهم أن يكونوا أكثر نشاطًا على عكس توقعاتهم.
  • تتأثر أنشطة الصف الدراسي إذا لم يُنفّذ الطلبة مهامهم الذاتية.
  • تتفاوت مستويات التحصيل بين الطلبة بالاعتماد على مهام التعلم الذاتي ومتابعة الدروس المتزامنة وغير المتزامنة.

نصائح لتوظيف الصف المقلوب “المعكوس”

الآن، ماذا تحتاجون لتتمكّنوا من توظيف تقنيّة الصف المقلوب بفاعلية؟ نقدم إليكم مجموعة النصائح الآتية لكي تمكنكم من النجاح في تدريس الطلبة من خلال هذه الاستراتيجية:

  • التأكد من توفر مجموعة من الأدوات التي تحتاجونها كجهاز الحاسوب والميكرفون مع التأكد من الاتصال بشبكة الإنترنت والعمل على الاستغلال الأمثل لهذه الأدوات.
  • إعداد أنشطة تعلم جاذبة للطلبة ومحفزة للتعلم.
  • التأكد من قدرة جميع الطلبة على الوصول للمواد التعليمية المُجهّزة من قِبَلكم مما يضمن زيادة مشاركة الطلبة.
  • التقييم المستمر والمتنوع بما يُناسب التكنولوجيا المستخدمة والمحتوى وتوظيف النتائج في تحسين التعلّم.
  • تشجيع نموذج المواطنة الرقمية الذي يشمل على الآتي:
    • دعم الاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات للاستفادة منها بشكل مستمر.
    • تشجيع الآداب السلوكية ضمن إطار البيئة الرقمية.
    • ممارسة المعلمين لدور القدوة في تطوير الوعي الثقافي الرقمي أثناء توظيف شبكة الإنترنت.

في الختام، كما يُقال التجربة خير برهان لذا لا تترددوا في تطبيق استراتيجية الصف المقلوب وتزويد طلبتكم بفيديو تعليمي أو قراءة مقترحة أو عرض تقديمي بشكل مسبق، ثم مناقشتهم بمادة التعلم داخل الغرفة الصفية فالتعلم باستخدام استراتيجية الصف المقلوب يُعدّ فرصةً لتحسين تجربة التعلم من خلال تشجيع طلبتكم على التعلم الذاتي وتحمل مسؤولية تعلمهم، ففي الوقت الذي يتعلم الطلبة مفهومًا ما ويطبقون ما يتعلموه داخل الغرفة الصفية تقومون أنتم بدور الميسرين والموجهين لهم.

المراجع

أحدث المواضيع