كيف يمكنكم التعامل مع تأثيرات مُتغيّرات القرن الحادي والعشرين في مدارسكم؟
كيف يمكنكم تطوير مدارسكم لضمان جودة التعليم؟
في الحقيقة أنتم أمام تحدٍ كبيرٍ يتطلب منكم تحويل مدارسكم إلى مدارس قادرة على توفير فرص تعلم مميزة تُؤهّل الطلبة لامتلاك المهارات الحياتية التي تمكنهم من المنافسة في سوق العمل في ظل التغيُّرات التي شهدها العالم في قطاع التعليم والتعليم العالي. لمواكبة هذه التغيُّرات ومواجهة التحديات عليكم إلقاء نظرة شاملة على مدارسكم تضمن تحقيق جودة التعليم. يتناول مقال اليوم مفهوم الجودة الشاملة في التعليم، أهمية الجودة الشاملة في التعليم ومقارنة بين مدرسة الجودة والمدرسة التقليدية، وفي نهاية المقال سيتم توضيح كيفية تطبيق مفهوم الجودة الشاملة في التعليم في مدارسكم.
ما المقصود بالجودة الشاملة في التعليم (Quality of Education)؟
مجموعة الإجراءات والمعايير التي تُعبّر بدقة وشمولية عن جوهر عملية التعليم بجميع أبعادها: مُدخلات وعمليات، ومخرجات وتُؤدي من خلال التحسين المستمر إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلُّمية المنشودة.
أشار تقرير التعليم للجميع: تقرير الرصد العالمي (2005) أن الجودة في التعليم تتحدد بمبدأين:
الأول: التطور المعرفي للطلبة باعتباره الهدف الرئيسي الواضح لجميع أنظمة التعليم العربية والعالمية.
الثاني: دور التعليم في تعزيز قيم ومواقف المواطنة المسؤولة وضمان التنمية الإبداعية والفكرية والإنمائية.
أي أن جودة التعليم هي التي تحدد مقدار وكيف يتعلم الطلاب جيدًا، بالتالي عملية التدريس والتعلم هي التي تضفي الحيوية على المناهج الدراسية التي تحدد ما يحدث في الواقع التربوي والتدريسي وما ينعكس على الجودة في تحقيق نتائج التعلم.
أهمية الجودة الشاملة في التعليم
تحسين وتطوير مخرجات العملية التعلُّيمية.
إيجاد بيئة مدرسية داعمة للتطوير المستمر.
تحسين مستوى أداء المعلمين والإداريين والعمل على رفع كفاءتهم في مختلف مؤسسات التعليم.
الاستخدام الأمثل للمصادر البشرية والمادية بالتعليم.
تعزيز الثقة المتبادلة بين جميع أطراف العملية التعليمية.
لكن عليكم الانتباه إلى أن غياب الجودة الشاملة عن عملية التعليم والتعلم سوف ينعكس على طلبتكم من حيث دافعيتهم للتعلم والرغبة في الدراسة بل ستتزايد حالات الرسوب وكذلك عدد المتسربين من المدرسة ويتدنى رضى المؤسسات التربوية والتعليمية (الجامعات والمعاهد) ومؤسسات المجتمع المحلي عن المخرجات التعليمية.
الآن، كيف تستطيعون الحكم على جودة التعليم في مدارسكم؟ هل مدارسكم مدارس جودة أم مدارس تقليدية؟ للتعرف على ذلك نوضح لكم الفرق بين مدرسة الجودة والمدرسة التقليدية على النحو الآتي:
مؤشرات مدرسة الجودة مقابل المدرسة التقليدية
الأخطاء التي تقع في مدرسة الجودة سببها النظام الذي تعمل من خلاله المدرسة، في حين أن أخطاء المدرسة التقليدية تكون بسبب المعلمين والطلبة.
إدارة نظام مدرسة الجودة والعمل على تحسينه تتم من خلال التعاون بين إدارة المدرسة والمعلمين والطلبة، في حين أن كامل المسؤولية تقع في المدرسة التقليدية على إدارة المدرسة.
التحسين المستمر وسد الفجوات شعار مدرسة الجودة في حين أن المدرسة التقليدية ترى بأن الوضع الراهن هو الأفضل.
التقييم والتغذية الراجعة في مدرسة الجودة يهدفان إلى تحسين الأداء، في حين يُستخدمان للحكم على المعلمين والطلبة والإدارة في المدرسة التقليدية.
بيئة مدرسة الجودة قائمة على العمل والتعلم التعاوني في حين أن بيئة المدرسة التقليدية قائمة على التنافس.
الآن، مما لا شك فه أنكم استطعتم أن تحددوا موقع مدرستكم بعد معرفة الفرق بين المدرسة التي نريد (مدرسة الجودة) والمدرسة التقليدية. لكن إذا أردتم مدرسة الجودة لتحسين واقع التعليم عليكم الحرص على تفعيل أدوار جميع عناصر العملية التعليمية من إدارة ومعلمين وطلبة وأولياء أمور من خلال تطبيق المعايير الخاصة بكل دور وهي على النحو الآتي:
معايير الجودة للمعلمين
جهد أقل وتنظيم أكبر في عملية التعليم حيث يتحمل الطلبة مسؤولية تعلمهم.
زيادة حماس المعلمين في السعي لجودة التعليم وتحسينه من خلال المشاركة في قرارات المدرسة.
التعاون مع جميع عناصر العملية التعليمية.
الحرص على التنمية المهنية والتدريب على كل ما هو جديد في التعليم بشكل مستمر.
معايير الجودة للطلبة
زيادة دافعية الطلبة للتعلم.
بناء العلاقات الإيجابية مع الأقران والمعلمين.
زيادة الثقة بالنفس والاعتماد على الذات وزيادة تقدير الذات.
تحسن نتائج التعلم لديهم.
معايير الجودة لإدارة المدرسة
الحرص على إيجاد بيئة مدرسية تعاونية ومجتمعات تعلم مهنية (فرق العمل، فرق التعلم).
تحسن إنتاجية الطلبة والمعلمين والعاملين
تحسن علاقة المدرسة مع أولياء الأمو والمجتمع.
تفويض الصلاحيات للمعلمين والعاملين في المدرسة وبالتالي ضمان جهد أقل على مديري المدارس.
التركيز على إرضاء الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور.
السعي لتحقيق رؤية وزارة التربية والتعليم.
معايير الجودة لأولياء الأمور
تحسن العلاقة بين أولياء الأمور والمدرسة.
الرضا عن أداء المدرسة وذلك للتحسين المستمر في تعليم أبنائهم الطلبة.
بعد اطلاعكم على معايير الجودة الشاملة في التعليم، ربما تتساءلون، كيف يمكن تطبيق هذه المعايير للتحول إلى مدرسة الجودة؟ هل من طرق تُساعدنا على تحويل مدارسنا إلى مدارس ذات جودة شاملة في النظام التعليمي؟ نعم هناك مجموعة من الطرق والأفكار التي تُسهم في تحويل مدارسكم إلى مدارس ذات جودة في التعليم نقدمها لكم لذا ندعوكم للاستمرار في قراءة المقال للتعرف عليها.
الأفكار الرئيسة العامة لتحقيق الجودة الشاملة في التعليم
إيجاد قيادة مدرسية فاعلة.
بناء رؤية مدرسية مشتركة ومُعلنة لجميع أطراف المؤسسة التعليمية.
العمل ضمن فرق لكل منها مجال عمل ضمن آليات محددة، وتهدف إلى تفعيل العمل والإنتاج في المدرسة.
اعتماد أسلوب اتخاذ القرارات استنادًا إلى البيانات والمعلومات والعمل على تحليلها لضمان التطوير والتحسين المستمر في عمل المدرسة.
تفويض الأعمال والصلاحيات في المدرسة.
إيجاد مجتمعات تعلم مهنية مبنية على التعاون والعمل المشترك.
الاهتمام بتدريب أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية وتقدير جهودهم.
ما رأيكم الآن بتحويل هذه الأفكار إلى إجراءات عملية؟ لكن تتساءلون كيف يمكن ذلك؟ إليكم الحل.
دورة التطوير والتحسين المستمر للتعليم
إن تطبيقكم لدورة ديمنج (Deming) في التطوير والتحسين المستمر، التي تعتبر أداة لتحقيق الجودة في التعليم يُسهم في إيجاد الحل. تتكون هذه الدورة من أربعة إجراءات رئيسة نوضحها في الرسم الآتي:
إليكم إجراءات تطبيق دورة ديمنج (Deming) بالتفصيل:
حددوا: حددوا أهدافكم واعملوا على تكوين فرق العمل داخل مدرستكم، وحددوا الأدوار والمسؤوليات والزمن اللازم للتنفيذ.
حلّلوا: اعملوا على جمع البيانات من خلال دراسة الوضع الحالي لمدرستكم باستخدام أدوات جمع البيانات المختلفة على مدى فترات زمنية محددة ومن ثم قوموا بتحليل هذه البيانات لاتخاذ القرارات المناسبة بالاستناد إليها.
صحّحوا: اقترحوا أفكار لتطبيق معايير الجودة من جميع أعضاء الفرق المدرسية ومن ثم اختاروا الفكرة المناسبة وأبدأوا بالتخطيط ووضع برامج لتطبيقها.
تجنّبوا: تجنّبوا تكرار معالجة الأمور بالطرق القديمة من خلال البحث عن طرق جديدة واختاروا خطوات وقائية.
في النهاية، نحن نسعى إلى أن تكون مدارس دولكم كما هو بالنسبة لمدارس دولة الأردن من مدارس الدول السبّاقة عالميا في تحسين التعليم، وأنتم جزء من دائرة التغيير والتطوير فإذا لم تتمكنوا من تطوير مدارسكم ستبقون في دائرة المدارس التقليدية التي لا تنتج سوى طلبة اتكاليين في تعليمهم متلقين للمعلومة لا باحثين عنها، هنا يكمن التحدي في اختيار قبولكم لقيادة التطوير القادم إليكم أو البقاء في مكانكم والرضا بالوضع الراهن. لذا ندعوكم بعد قراءة هذا المقال أن تسعوا إلى قيادة التحسين والتطوير في مدارسكم وتطبيق هذه الأفكار بصورة واقعية لتحقيق الجودة الشاملة في التعليم.