طرق تعديل السلوك

طرق تعديل السلوك Behavior Modification Methods

تعرفتم على الخصائص السلوكية للطلبة في المقال السابق حقائق وخفايا سلوكيات الطلبة وأشرنا إلى وجود سلوكيات تميز كل مرحلة عن الأخرى. لكن هل الفرد مسؤول عن سلوكياته جميعها؟ هل لكم دورًا في تقويم أفكار وسلوكيات أطفالكم وطلبتكم؟ من المؤكد نعم، يمكنكم تغيير أفكار الأطفال والطلبة وتوجيه سلوكهم إذ أن السلوك لا يحدث من فراغ بل يتم تعلمه، وبالتالي أي سلوك غير مرغوب فيه نعم يمكن تعديله من خلال التعليم والتوجيه والاستماع لآراء عدد من الطلبة، مما يعني أنكم تستطيعون إحداث تغييرات في سلوك الأطفال والطلبة. لتتمكنوا من ذلك نعرفكم في هذا المقال على العديد من طرق تعديل السلوك حيث يتناول المقال تعريف السلوك وأنواعه وكذلك التعرف على عدة أساليب وطرق للتعامل مع كيفية تعديل سلوك الاطفال والطلبة.

ما هو السلوك؟

كل سلوك يصدر عن الفرد من نشاط سواء كان ظاهرًا أو خفيًا كنتاج تفاعل الفرد واحتكاكه مع البيئة المحيطة به من جهة، ونتاج ما اكتسبه وتعلمه من سلوكيات جديدة إيجابية كانت أم سلبية تؤثر على حياته وحياة مجتمعه وفق المعايير التي يعيشها المجتمع والثقافة، والمعايير الأسرية والتربوية للفرد من جهة أخرى.

أنواع السلوك

يصنف سلوك الإنسان إلى نوعين رئيسيين هما:

  • سلوك استجابي: تتحكم به المثيرات التي تسبقه فبمجرد حدوث المثير يحدث السلوك، مثل سحب اليد عند وضعها في ماء يغلي، وتسمى المثيرات التي تسبق أي سلوك بالمثيرات القبلية.
  • سلوك إجرائي: ينتج عن الاستجابات التي يتم تشكيلها وتحديدها بفعل العوامل البيئية مثل: التربية والعوامل الاقتصادية والعوامل الاجتماعية، وهو محكوم بنتائجه فالمثيرات البعدية قد تضعف السلوك وقد تقويه وقد لا يكون لها تأثير، كما أن السلوك الإجرائي أقرب ما يكون إلى السلوك الإرادي. 

الآن، من المؤكد خلال قراءتكم لأنواع السلوك أنكم بدأتم باستذكار عددًا من السلوكيات وصنفتموها في أذهانكم حسب أنواع السلوك التي تناولناها والخطوة اللاحقة هي معرفة الخصائص التي تميز سلوك الطفل أو الطالب كي تتمكنوا لاحقًا من التعامل مع السلوك الصادر عن الاطفال والطلبة من خلال توظيف هذه الخصائص والقدرة على التعديل في السلوك، وهذا ما يوضحه الجزء الآتي من المقال.

خصائص السلوك

  • سلوك قابل للتنبؤ: المعرفة بالظروف البيئية السابقة والحالية لأي سلوك تسهم في زيادة قدرتكم على التنبؤ بسلوك الطلبة بشكل أكبر، إلا أن هذا لا يعني أنه بالإمكان التنبؤ بالسلوك كامل، إذ لا يمكن معرفة كل ما يحيط بالطلبة من ظروف بيئية سواء كانت في الماضي أو الحاضر.
  • سلوك قابل للضبط: يتمثل بإعادة تنظيم الأحداث البيئية التي تسبق أي سلوك أو تحدث بعده، والضبط الذي نريده هو الضبط الإيجابي وليس الضبط السلبي، لذا فإن أهم أسلوب عليكم كمعلمين الالتزام به للعمل على تعديل سلوك الطلبة هو الاكثار من أسلوب التعزيز بأشكاله المختلفة وكيفية تجنب أسلوب العقاب.
  • سلوك قابل للقياس: يُعدّ سلوك الإنسان ظاهرة معقدة لأن جزء منه ظاهر وقابل للملاحظة والقياس، والجزء الآخر غير ظاهر ولا يمكن قياسه مباشرة؛ لذا لم يتفق العلماء على نظرية واحدة لتفسير سلوك الإنسان وقياسه فَطَوّر بعضهم اساليب قياسية مباشرة كالملاحظة وقوائم الشطب، وطور آخرون أساليب غير مباشرة كاختبارات الذكاء والاختبارات الشخصية وإذا تعذر قياس السلوك فمن الممكن قياسه بالاستدلال عليه من خلال البحث في المظاهر السلوكية المختلفة.

محكّات تمييز السلوك

كيف يمكنكم التمييز بين السلوك السيء الشاذ أو السلوك غير المرغوب والسلوك الجيد عند طلبتكم؟

حتى تتمكنوا من الحكم على السلوك الذي يصدر عن طلبتكم أنه سلوك غير مرغوب فيه، لا بد من توفر مجموعة من المحكّات الأساسية التي يمكن من خلالها تمييز السلوك الشاذ أو غير المرغوب ومدى تأثيرها على السلوك، ومن هذه المحكّات الآتي:

  • تكرار السلوك: أي عدد المرات التي يحدث بها السلوك في فترة زمنية محددة.
  • مدة حدوث السلوك: يُعدّ أي سلوك غير عادي لأن مدة حدوثه غير عادية إذ قد تستمر مدة أكثر أو أقل مما هو عادي.
  • شكل السلوك: أي الشكل الذي يأخذه الفرد أثناء قيامه بالسلوك مثل شكل الجسم، واستخدام الحركات والانفعالات المصاحبة لأي سلوك.
  • شدة السلوك: يعتبر أي سلوك غير مرغوب وشاذًا إذا كانت شدته غير عادية، فالسلوك غير العادي قد يكون سلوكًا قويًا جدًا أو ضعيفًا جدًا.
  • كُمُون السلوك: يشير كُمُون السلوك إلى الفترة الزمنية التي تمر بين انتهاء حدوث المثير وبداية السلوك (الاستجابة).

ما هو تعديل السلوك؟

عملية تقوية السلوك المرغوب به من ناحية وإضعاف أو إزالة السلوك العدواني أو السلوك غير المرغوب به من ناحية أخرى.

الآن، بعد التعرف على مفهوم تعديل السلوك أصبح من السهل عليك العمل على برنامج لتعديل السلوك الغير مرغوب لدى الاطفال والطلبة، والسعي لتعزيز ما هو إيجابي لديهم، لكنكم بالتأكيد بحاجة إلى معرفة طرق وأساليب لعلاج وتعديل السلوك. لذا ندعوكم لاستكمال قراءة المقال لمعرفة هذه الطرق والأساليب. 

طرق تعديل السلوك

تتعدد وتتنوع وسائل وأساليب تعديل السلوك المتبعة وسنتطرق إلى أهم هذه الأساليب:

أولًا: التعزيز 

الإجراء الذي يؤدي إلى توابع ايجابية أو إزالة توابع سلبية عند حدوث السلوك، ويُسهم في زيادة احتمال حدوث السلوك في المستقبل في المواقف المماثلة. وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في فعالية التعزيز بعد حدوث السلوك المراد تعديله تتمثل بالآتي:

  • التعزيز الفوري: يجب عليكم تقديم المكافآت والتعزيز مباشرة بعد حدوث السلوك المنشود عند الطفل والطالب، لكي لا ينتج عن تأخير تقديم المعزز سلوك غير مستهدف لا تريدون تقويته.
  • انتظام التعزيز: يجب أن يكون بشكل منتظم ضمن فترات زمنية محددة قبل العمل على تعديل السلوك، كما أنه من المهم في مرحلة اكتساب السلوك أن يكون التعزيز بشكل مستمر غير متقطع، وبعد ذلك في مرحلة المحافظة على استمرارية السلوك يصبح بإمكانكم الانتقال إلى التعزيز المتقطع.
  • كمية التعزيز: يجب تحديد الكمية التي ستعطونها لطلبتكم وهذا يعتمد على نوع المعزز، فكلما كانت كمية التعزيز أكبر كانت فعالة بشكل أقوى، إلا أن إعطاء كمية كبيرة جدًا من المعزز في فترة زمنية قصيرة قد يؤدي إلى فقدان المعزز لقيمته؛ لهذا عليكم استخدام معززات مختلفة، مثال: إعطاء الطفل نجمة بعد الإجابة على كل سؤال يُفقد قيمة وفاعلية المُعزز الذي يحصل عليه الطفل.
  • مستوى الحرمان والإشباع: كلما كانت الفترة التي تحرمون فيها الأطفال والطلبة من المعززات طويلة كان المعزز أكثر فاعلية فمعظم المعززات تكون بقيمة وفاعلية أكبر عندما يكون مستوى حرمان الطلبة بصورة كبيره نسبيًا.
  • درجة صعوبة السلوك: كلما ازدادت درجة تعقيد السلوك، تحتاجون إلى كمية كبيرة من التعزيز.
  • التنويع: يجب عليكم التنويع في المعززات لأن العواقب تكون أكثر فاعلية من استخدام نوع واحد من المعززات، فإذا كان المعزز هو الانتباه إلى الأطفال والطلبة فلا تقولوا لهم مرة بعد الأخرى “جيد، جيد، جيد” ولكن يمكنكم القول أحسنتم وابتسموا لهم وقفوا بجانبهم… إلخ.

ثانيًا: العقاب

أي إجراء يهدف إلى تقليل احتمال حدوث السلوك في المستقبل فقط في المواقف المماثلة. ولا يُعدّ من الأساليب التربوية الناجحة في إطفاء سلوك غير مرغوب بل يقوم على إيقافه مؤقتًا ويعود للظهور بعد فترة.

العقاب نوعان: عقاب إيجابي من خلال تعريض الفرد لمثيرات مُنفّرة بعد حدوث السلوك غير المرغوب، وعقاب سلبي من خلال استبعاد أو حرمان الطلبة من أشياء وأمور يرغبونها نتيجة صدور سلوك غير مرغوب فيه.

ثالثًا: الإبعاد أو العزل

إجراء عقابي يعمل على تقليل السلوك أو إيقاف لسلوك غير مرغوب فيه بحيث يتم إزالة المعززات الإيجابية مدة زمنية محددة مباشرة بعد حدوث ذلك السلوك، ويأخذ أحد الشكلين الآتيين:

  • إبعاد الفرد عن البيئة المعززة، العلاج الأنسب لكي يتم تعديل سلوك الطفل يكون في غرفة خاصة لا يكون فيها تعزيز وتسمى غرفة العزل حيث نقوم بعزل الطفل أو الطالب فيها.
  • سحب المثيرات المعززة من الفرد مدة زمنية محددة بعد تأديته سلوك غير مرغوب مباشرة، وفي هذه الحالة لا يُعزل في مكان منفرد ويُسمح للشخص البقاء في البيئة المعززة دون الوصول والمشاركة في النشاطات المتوفرة في تلك البيئة المعززة.

رابعًا: العقد السلوكي 

اتفاقية مكتوبة توضح العلاقة بين المهمة التي سيؤديها الأطفال والطلبة والمكافأة التي سيحصلون عليها نتيجة لذلك. يشتمل العقد السلوكي على تحديد الشخص الذي سيؤدي المهمة أو المهمات والفترة الزمنية التي عليهم تأدية المهمة فيها، قواعد وشروط قبول الأداء وتحديد المكافأة التي سيحصلون عليها بعد تنفيذ المهمة.

الآن، هل ستطبقون أحد هذه الأساليب مع الأطفال والطلبة؟ ما النتائج التي تتوقعونها عند إشراك أطفالكم وطلبتكم في معرفة خطأهم والتفكير بحل السلوك الذي قاموا به؟

بدائل العقاب

من المؤكد أنكم لا ترغبون في معاقبة الأبناء والطلبة لتعديل السلوك، وذلك لمعرفتكم أن أثره مؤقت ولا يُسهم في تعديل السلوك بل قد يُوّلد العدوانية مع طلبتكم لكنكم تحتاجون أيضًا العمل على مساعدة الطلبة في تعديل سلوكهم إذا لم تكن هناك استجابة للأساليب الإيجابية. في هذا الجزء من المقال سنساعدكم على التعرف على ما هو أفضل من معاقبة الأطفال والطلبة وهو أنواع مختلفة من بدائل العقاب وتشير إلى مجموعة القواعد والأساليب التربوية المدروسة والمأمونة التي يستخدمها المربون وأولياء الأمور والمعلمون التي تهدف إلى اكتساب السلوكيات المرغوبة وإنهاء الغير مرغوب فيها عند الطلبة دون إيقاع العقوبة البدنية.

أشكال بدائل العقاب

تساعدك البدائل التالية في تحقيق تغيرات ونتائج مقبولة في تعديل سلوك الأطفال والطلبة وهي:

الإطفاء

السلوك الذي يُعزّز يَقوى ويستمر في حين أن السلوك الذي لا يُعزّز يَضعف وقد يتوقف نهائيًا بعد فترة زمنية معينة.

يشمل الإطفاء وقف الانتباه والاهتمام عند حدوث سلوك غير المرغوب فيه.

تكلفة الاستجابة

إجراء عقابي (من الدرجة الثانية) يتضمن حرمان الفرد من جزء محدد من المُعزّزات المتوافرة لديه عند قيامه بالسلوك المراد خفضه، إذ أن فقدان المعززات يُسهم في تقليل أو إيقاف سلوك غير مرغوب فيه، ويُفضل عند استخدامكم لهذا النوع من البدائل اتباع الإجراءات والطرق التالية:

  1. توضيح طبيعة هذا الأسلوب للطفل والطالب قبل بدء التطبيق.
  2. تحديد السلوك وتعريفه، أيضاً تحديد كمية المُعززات التي سيفقدونها عند تأدية سلوك غير مرغوب.
  3. استخدام التغذية الراجعة الفورية لتوضيح أسباب فقدان المُعززات.
  4. تطبيق هذا الأسلوب بعد كل مرة يكرر فيها الطفل أو الطالب سلوكه غير المقبول.
  5. تجنب فقدان الأطفال والطلبة لجميع المعززات.

التعزيز التفاضلي للسلوك النقيض

تعزيز الأطفال والطلبة عند قيامهم بسلوك نقيض للسلوك غير المقبول الذي يراد تقليله، والسلوك النقيض هو الذي يكون عكسه أو ضده.

مثال: إجابة طالب أو طالبة على سؤال مطروح من قبل معلمه أو معلمتها بعد الاستئذان يتناقض مع الإجابة بدون استئذان.

ما دور أولياء الأمور في تعديل السلوك؟

قد تتساءلون، هل يمكن إشراك أولياء الأمور في عملية تعديل سلوك أبنائهم الطلبة؟ وكيف يمكن ذلك؟ إليكم مجموعة خطوات اساسية يمكنكم التركيز على مشاركتها مع الآباء بهدف تعديل السلوك غير المرغوب لدى الاطفال وأبنائهم الطلبة:

  • تقديم النموذج الإيجابي للاطفال والأبناء بعيدًا عن العقاب البدني أو النفسي.
  • تقديم التغذية الراجعة لأولياء الأمور حول سلوك أبنائهم.
  • تعليم أولياء الأمور لأبنائهم السلوك الإيجابي من خلال لعب الأدوار.
  • مدح السلوك الإيجابي وتقديم المعزز المناسب لأي تحسن يظهر على سلوك أبنائهم.
  • التواصل مع المرشد التربوي وطلب المساعدة إذا لزم الأمر.

في النهاية، توجيه الاطفال والطلبة والعمل على تعديل سلوكياتهم مسؤولية اجتماعية مشتركة بين جميع الأطراف ومن أهمها المؤسسات التعليمية. لذا ندعوكم لتطبيق هذه الطرق والأساليب مع طلبتكم لتغيير وتعديل السلوكيات التي ترغبون في تعزيزها لديهم ولتقليل السلوكيات التي لا ترغبون بها، واسألوا طلبتكم عن أثر هذه الأساليب وانعكاسها على تعاملكم معهم من خلالها، وشاركوا نجاحاتكم في كيفية تعديل سلوك طلبتكم مع زملائكم.

المراجع

أحدث المواضيع