كثيرًا ما يطرح الطلبة أسئلة تمثل تحديًا بالنسبة لهم، وقد يجدون الأجوبة دون أن يشعروا بأهمية الإجابة لكن عندما تتحول هذه الأسئلة إلى مهام ومحطات عملية يقومون بها بأنفسهم يصبح تعلمهم ذو معنى، ومما لا شك فيه أن الكثير منكم يعرف أهمية وأثر التعلم بالعمل على الطلبة، ومن أشهر الاستراتيجيات الحديثة التي تركز على التعلم بالعمل استراتيجية التعلم القائم على المشاريع، حيث تعد هذه الاستراتيجية من الاستراتيجيات التعليمية التي تنمي المهارات الحياتية لدى الطلاب بدءًا من الشعور بالمشكلة ومحاولة حلها إلى التعاون وبناء الفرق، إلى البحث والتقصي وصولًا إلى التعلم الواقعي. يتناول مقال اليوم أهمية التعلم القائم على المشاريع وأنواعه، بالإضافة إلى توضيح مكونات هذه الاستراتيجية وكيفية توظيف هذه الاستراتيجية في تدريسكم.
مفهوم التعلم القائم على المشاريع
استراتيجية تركز على التعلم من خلال المشاريع، وتتضمن مهمات وأسئلة تثير تحدي الطلاب وتشجعهم على حل المشكلات واتخاذ القرار والبحث والاكتشاف كما تُمكّنهم من العمل باستقلالية والخروج بمنتجات واقعية وتساعدهم على توظيفها في حياتهم الواقعية.
تنمية مهارة الطلبة في حل المشكلات والتحديات التي تواجههم أثناء عملية التعلم.
تفعيل دور الطلبة في العملية التعليمية التعلمية من خلال تنمية مهارات البحث والاستقصاء والاكتشاف لديهم.
بناء مجتمعات تعاونية تعلمية من خلال تنمية مهارات التواصل والعمل بروح الفريق الواحد لدى الطلبة.
إتاحة فرص تدريس وتعلم المادة التعليمية في سياق مشكلات مرتبطة بواقع الطلبة مما يجعل التعلم أكثر استدامة.
جعل المتعلم محور عملية التعلم ونموذجًا للمتعلم النشط.
بعد اطلاعكم على أهمية هذه الاستراتيجية التي تعد نموذجا تعليميا مرتبطا بحياة الطلبة، هل تحمستم لتطبيقها مع الطلبة؟ هل تساءلتم كيف ستنفذون المشروعات التعليمية؟ ألديكم مخاوف من صعوبة التطبيق؟ في هذا الجزء من المقال سنساعدكم على معرفة كيفية تنفيذ التعليم القائم على المشاريع خطوة بخطوة، بعيدًا عن القلق بشأن التطبيق مع التأكيد على أن هذه الاستراتيجية يمكن توظيفها في مختلف التخصصات ولا تقتصر على الرياضيات أو العلوم.
أنواع المشاريع
تنقسم المشاريع تبعًا لعدد الطلبة المشاركين في المشروع إلى قسمين:
مشاريع جماعية: المشاريع التي يُطلب فيها من جميع الطلبة في الغرفة الصفية أو المجموعة الدراسية الواحدة، القيام بعمل واحد كأن يقوم جميع الطلبة بتمثيل مسرحية أو رواية معينة، كمشاركة منهم في احتفالات المدرسة أو كأحد المهام أو الواجبات الدراسية المطلوبة منهم.
مشاريع فردية: تنقسم المشاريع الفردية بدورها إلى نوعين هما:
النوع الأول: الطلب من جميع الطلبة تنفيذ المشروع نفسه بشكل فردي، كأن يطلب المعلم من كل منهم مشروع متكامل.
النوع الثاني: قيام كل طالب/طالبة في المجموعة الدراسية باختيار وتنفيذ مشروع معين من مجموعة مشروعات مختلفة يتم تحديدها من قبلكم أو من قبل الطالب/الطالبة أو بواسطة الاثنين معًا يعملون من خلاله على تعلم موضوع ما أو حل مشكلة ما.
مكونات وعناصر استراتيجية التعلم القائم على المشاريع
السؤال: بدء المشروع بسؤال يتحدى تفكير الطلبة ويرتبط بحياتهم وينطلق من المنهاج.
الخطة: إعداد خطة للمشروع تتضمن توضيح لخطوات العمل والاستراتيجيات المتبعة في العمل من خلال تصميم مهمات تساعد الطلبة على الاستكشاف بشكل موجه، وأن تنطوي الخطة على الموارد التي سيتم توظيفها وكيفية التعامل معها ضمن توجيهات معينة في إطار زمني محدد للتوصل إلى الحل مع ضرورة إشراك الطلبة في عملية تخطيط وبناء المشروع.
الجدول الزمني: تحديد الزمن الكلي للمشروع والزمن الخاص بإنجاز كل مهمة بالاشتراك مع الطلبة، على أن يتم لاحقًا مقارنة ما يتم إنجازه بالزمن المحدد أولًا بأول.
المراقبة: متابعة ومراقبة مدى تنفيذ خطوات المشروع وأداء الطلبة على مدار المشروع وأولًا بأول لاتخاذ التدابير اللازمة في حال الخروج عن الخطة، كما يتم إعداد وتوظيف أدوات التقويم اللازمة للطلبة وتزويدهم بها من قوائم شطب وسجلات ملاحظات، وغيرها لتساعدهم على تقييم ومتابعة ومراقبة خطواتهم في تنفيذ مشاريعهم والتي تعزز عملية سير المشروع بالاتجاه الصحيح.
التقويم: استخدام أدوات تقويم واقعية لتقييم أعمال الطلبة، وتشجيع الطلبة على التأمل في أعمالهم ومناقشة فاعلية مسار العمل وتوليد أفكار جديدة.
يعد اختيار المشروع من أهم خطوات أو مراحل إنجاز المشروع، لأن الاختيار الجيد يساعد على نجاح المشروع، بينما الاختيار الخاطئ يُعرّض المشروع للفشل الحتمي ويجعل من الخطوات الأخرى اللاحقة خطوات عديمة الجدوى تتسبب في إهدار الوقت. لتحقيق هذه الخطوة عليكم مراعاة الآتي:
اختيار المشروع الذي يعود بالفائدة على الطلبة المتعلمين، وتذكروا أن تُسهم المشاريع في تحقيق نتاجات التعلّم وأن تكون ﻋﻠﻰ علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمنهاج الدراسي.
التعاون مع الطلبة في تحديد أهدافهم ورغباتهم المراد تحقيقها من المشروع واختيار المشروع المناسب لهم.
اختيار المشروع الذي يحظى باهتمام ورغبات الطلبة وليس تبعًا لرغباتكم، لأن ذلك يدفعهم ويشجعهم على القيام بالعمل الجاد والسعي لإنجاز المشروع، ويُشعرهم بنوع من الرضى والسرور، والعكس صحيح إذا كان المشروع من النوع الذي لا يلبي رغبة أو ميل لدى الطلبة.
مراعاة أن يكون المشروع تعليمي وواقعي يمكن إنجازه، إذ كثيرًا ما نجد أن الطلبة يقحمون أنفسهم في مشروع ما ولا يستطيعون إنجازه لأسباب تتعلق بالمشاريع نفسها أو لأن إنجاز المشاريع يحتاج إلى مصاد ومعدات أو إمكانات غير متوافرة لديهم.
الخطوة الثانية: وضع الخطة
تُعد الخطة متطلب نجاح لأي مشروع، لذا لا بد من وضع خطة مفصلة تُبين سير العمل على المشروع والإجراءات اللازمة لإنجازه ولتحقيق ذلك عليكم مراعاة الآتي:
التعاون مع الطلبة لوضع خطة مفصلة واضحة لتنفيذ المشروع داخل الصف.
وضوح الخطة وتسلسل أنشطة وإجراءات التخطيط حتى لا يحدث أي لُبس عند الطلبة يقودهم لاجتهادات غير مدروسة من شأنها عرقلة العمل وضياع وقتهم وجهدهم.
تقديم الدعم والمشورة للطلبة والاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم والتعليق عليها.
الابتعاد عن النقد أو التهكم مع الحرص على توجيه الطلبة ومساعدتهم.
الخطوة الثالثة: تنفيذ المشروع
تُعد هذه المرحلة تطبيقًا للجانب النظري المتمثل في بنود خطة المشروع يتمثل دوركم في هذه المرحلة بالآتي:
تنفيذ الطلبة لإجراءات خطة العمل التي عملوا عليها مع المعلمين في الخطوة السابقة.
تنمية روح الجماعة والتعاون بين الطلبة.
التحقق من قيام كل طالب لدوره وعدم الاتكال على أحد الطلبة للقيام بما هو مطلوب منه.
التأكد من التزام الطلبة ببنود خطة المشروع وعدم الخروج عنها، إلا إذا طرأت ظروف تستدعي إعادة النظر في بنود الخطة وعندها تقومون بمناقشة الموضوع مع الطلبة والاتفاق معهم على التعديلات الجديدة.
الخطوة الرابعة: تقويم المشروع
تُعد الخطوة الرابعة الخطوة الأخيرة من خطوات إعداد المشروع وهي تقويم المشروع والحكم عليه على الوجه الآتي:
الاطلاع على كل ما أنجزه الطلبة مع التوضيح لهم أوجه الضعف والقوة والأخطاء التي وقعوا فيها، وذلك للتعلم منها وكيف يمكنهم تجنبها في المرات المقبلة.
تقديم تغذية راجعة للطلاب، وتعد التغذية الراجعة من أهم فوائد تقويم المشروع أو الحكم عليه، ومن دونها لا يعرف الطلبة مدى إتقانهم لعملهم ولا الأخطاء التي وقعوا فيها وطرق معالجتها.
إشراك الطلبة في عملية التقويم، فإذا كان المشروع من النوع الفردي مثلًا يتم الطلب من كل طالب/طالبة عرض نتائج المشروع والإجراءات المتبعة في تنفيذ المشروع على بقية الطلبة، ويقوم الطلبة بمناقشة المشروع وتقديم ملاحظاتهم وآرائهم. أما إذا كان المشروع جماعيًا فيمكن أن يشارك الطلبة ملاحظاتهم وآرائهم ومناقشتها مع مجموعة أخرى من الطلبة وإن تعذر ذلك عليكم مناقشته مع المجموعة نفسها.
في النهاية، يُعدّ التعلم القائم على المشاريع من الاستراتيجيات التي تعود بالفائدة عليكم وعلى الطلبة حيث يمكنكم لمس أثر هذه الاستراتيجية بشكل مباشر على طلبتكم، لذا نشجعكم على تبنيها والبدء بتطبيقها وندعوكم لمشاركة زملائكم المعلمين نتائج وآثار هذه الاستراتيجية، ولتكُن ما يُميزكم ويُميز طلبتكم ومدرستكم في جعل الطلبة منتجين ومفكرين ومستكشفين.
جابر، وليد. (2016). طرق التدريس العامة. تخطيطها وتطبيقاتها التربوية. عمان. الأردن. دار الفكر.
عقل، مجدي سعيد. (2016). أثر توظيف استراتيجية المشاريع الإلكترونية في تنمية مهارات تصميم مواقع الويب التعليمية لدى طالبات جامعة الأقصى بغزة. مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية. المجلد 25 (العدد1). ص 33_ص51.