هل تأملتم عنوان مقال اليوم؟ أعزاءنا القراء فكروا بجدية ماذا لو استبدلتم أنا بنحن للقيام بمهامكم الحياتية والعملية؟ قد يخطر لكم العديد من الأفكار إجابة عن هذا التساؤل، كأن يصبح القيام بالمهام أسهل، بالإضافة إلى تجاوز العقبات والتحديات بثقة وقوة أكبر ناجمة عن العمل الجماعي، لذلك رغبنا أن نضع بين أيديكم هذا المقال وموضوعه العمل التعاوني الذي يحمل في ثناياه التركيز على العمل الجماعي والتعاون بين المجموعات والفِرَق، أي يركز على “نحن.”
مفهوم التعلم التعاوني
تعرّف جامعة تينيسي (The University of Tennessee) التعلم التعاوني على أنه الأنشطة التعليمية التفاعلية ضمن المجموعات الصغيرة حيث يعمل الطلبة مع بعضهم البعض على تنفيذ هذه الأنشطة بشكل مشترك ضمن مجموعاتهم لتطوير أنفسهم ومساعدة زملائهم على التعلم، وتحتوي كل مجموعة على (2 – 5) طلبة، إذ يُسهّل العمل في مجموعات إنجاز الأنشطة التعليمية.
يحقق تطبيق التعلم التعاوني (Cooperative Learning) داخل الغرفة الصفية الآتي:
الاعتماد المتبادل الإيجابي بين الطلبة
يضع الطلبة هدفًا مشتركًا للمجموعة للوصول إليه.
يدعم الطلبة بعضهم البعض لتحقيق هدفهم المشترك.
يُقدّم الطلبة مساهمات فردية محدّدة تخدم جهود المجموعة.
التفاعل المعزّز
يساعد الطلبة بعضهم البعض على التغلب على المشكلات التي يواجهونها وإكمال المهام المطلوبة منهم. وهذا يتضمن:
تعلم الأقران (Peer Tutoring).
المساعدة المؤقتة.
تبادل المعلومات والمصادر بين الطلبة.
التغذية الراجعة المتبادلة بين الطلبة.
إعطاء الدافعية لبعضهم البعض.
الفرص المتساوية للنجاح
يجب أن يتم التأكيد على حصول الطلبة على فرص للمشاركة ضمن الفريق من خلال:
تسجيل تقدم كل طلبة المجموعة.
جعل الطلبة يتنافسون مع نظرائهم في المجموعات الأخرى.
إعطاء الطلبة مهمات تناسب مستويات مهاراتهم الحالية.
المسؤولية الفردية
كل عضو من أعضاء المجموعة يقوم بمساهمة فعالة لتحقيق الهدف العام للمجموعة.
كل عضو من أعضاء المجموعة مسؤول عن إنجاز الجزء الموكل إليه من المهمة.
المهارات الشخصية الاجتماعية
اتخاذ القرار.
مهارات القيادة.
بناء الثقة.
إدارة النزاعات.
التواصل الواضح.
التنافس ضمن المجموعات
خلق فرص المنافسة الإيجابية بين الطلبة المتناظرين يمكن أَن يكون طريقة فعّالة لتحفيز الطلبة على التعاون مع بعضهم البعض.
فوائد التعلم التعاوني Cooperative Learning
تنبع أهمية استخدام التعلم التعاوني من فوائده التي تركز على تنمية الطلبة على الصعيد الشخصي والاجتماعي والنفسي، لذلك لا بد من التأكيد على هذه الفوائد من خلال قراءة النقاط الآتية:
فوائد أكاديمية (تعليمية)
رفع التحصيل الأكاديمي للطلبة.
تعزيز رضا الطلبة عن خبراتهم التعلمية.
فوائد اجتماعية (التعاون والعلاقات الاجتماعية)
زيادة مهارات التواصل اللفظي لدى الطلبة.
تطوير مهارات الطلبة الاجتماعية.
العمل بروح الفريق الواحد.
الأخذ بوجهات نظر الآخرين.
فوائد شخصية (الاعتماد الإيجابي، المسؤولية)
تعزيز تقدير الذات لدى الطلبة.
إيجاد جو من المنافسة الإيجابية والتعاون بين الطلبة.
الاعتماد على النفس وتحمّل المسؤولية.
تأملوا فوائد تطبيق استراتيجية التعلم التعاوني، ألا تجدون أنه من الضروري استخدام استراتيجية التعلم التعاوني مع طلبتكم؟ إذا كانت إجابتكم نعم، فلا تتردوا بمشاركة هذه الفوائد مع زملائكم لتشجيعهم على توظيف استراتيجية التعلم التعاوني في حصصهم الدراسية.
إدارة حصة صفية تعاونية
لنتفق أنه عند تصميم حصة صفية تعاونية ناجحة لا بد أن يكون هنالك تخطيط جيد من قِبلكم، ولكن حبذا لو سبق التخطيط شغف كبير نحو التطبيق، بذلك سنضمن لكم تحقيق حصص صفية تعاونية ناجحة، وخلال هذا المقال سنثري حقيبتكم التعليمية بمجموعة من الخطوات التي يمكنكم اتّباعها لضمان تعلّم الطلبة بشكل تعاوني وفاعل كالآتي:
أولًا: مرحلة التخطيط
تحديد أهداف ونتائج المهمة، ويشمل على الآتي:
نتائج المهمة.
طبيعة المهمة (على سبيل المثال، تقوم المجموعة بالبحث باستخدام الاستقراء والاستنباط).
تنفيذ المهمة (قراءة ومناقشة النص المطلوب).
توزيع المهام (تكليف أعضاء المجموعة بشكل فردي بجزء من المهمة الرئيسة للعمل عليه ثم يتم تبادل نتائج البحث مع بقية الأعضاء).
تحديد القضايا الرئيسة في المهمة، ويشمل على الآتي:
اختيار المجموعات وفقًا لاحتياجات الموضوع.
تحديد الوقت المطلوب لإنجاز المهمة.
تهيئة الغرفة الصفية من خلال ترتيب المقاعد أو جمع المواد.
توزيع الأدوار على الطلبة.
تدريب الطلبة على المهارات التي سيحتاجونها لإنجاز المهمة، ومن هذه المهارات:
تأدية أدوارهم وبحثهم عن المعلومات المطلوبة للمهمة.
التعبير عن آرائهم.
الاستماع إلى الزملاء.
التعامل مع اختلافات في الآراء.
اختيار استراتيجية التقويم المناسبة، قد يشمل هذا أيًا من الآتي:
التقويم الذاتي لعمل المجموعة (يتأمل أعضاء المجموعة في كيفية أدائهم في المجموعة.)
تقويم أداء المجموعة أثناء المهمة (كيف قاموا بتنفيذ المهمة؟)
تقويم نتائج المجموعة (ماذا أنجزوا؟)
تقويم أداء كل فرد في المجموعة.
عدم استخدام التقويم؛ قد يساعد هذا الطلبة على التركيز على المهمة أو استثارة روح المنافسة أو أمور أخرى غير التقويم.
ثانيًا: مرحلة التنفيذ
إعطاء تعليمات واضحة كالآتي:
شرح المهمة بوضوح حتى لا يكون هناك أي مجال للبس.
التأكد من فهم الطلبة للتعليمات قبل الطلب منهم أن يبدؤوا العمل.
تقديم تغذية راجعة كالآتي:
التنقل بين المجموعات لتقديم المساعدة.
مراقبة عمل الطلبة لإعطائهم تغذية راجعة على أدائهم.
تقديم الاقتراحات أو كتابة الملاحظات لتعزيز عمل الطلبة وتوضيح المهمة بشكل أكبر.
تقديم تغذية راجعة مباشرة بدلًا من التغذية الراجعة العامة.
توقّع السلوكيات غير المرغوب فيها.
تقديم الدعم للمجموعات من خلال تكليفهم بمهام إضافية، دون استخدام المهام الإضافية كشكل من أشكال العقاب.
ثالثًا: مرحلة التقويم والتأمل
تقديم نتائج عمل المجموعة من خلال الطلب منهم أن يضربوا أمثلة من مجموعاتهم على أفراد أتقنوا أداء عملهم (على سبيل المثال: “فلان بذل مجهودًا كبيرًا وكان متعاونًا وكان ملتزمًا بدوره”). إن هذا النوع من التدريب يُتيح الفرصة للطلبة الثناء على بعضهم البعض مما يحفزهم ويرسخ العلاقات المتينة بينهم، ويساعد المجموعات على توضيح إجراءات عملها (النواحي الإيجابية والسلبية) حتى يتسنى للمجموعات المختلفة التعلّم من بعضها البعض.
لا تخجلوا إن شعرتم بالارتباك نحو الخطوات السابقة حيث تحتوي على تفاصيل دقيقة وأفكار كثيرة، ولكن ما رأيكم لو أعددتم قائمة شطب خاصة بكم بالاعتماد على الخطوات السابقة؟ لا تترددوا بالإجابة بنعم، لأن قائمة الشطب ستكون بمثابة بوصلة تضمن أنكم لم تغفلوا عن أي خطوة من الخطوات السابقة، وأنكم نحو الاتجاه الصحيح لتقديم وإدارة حصة صفية تعاونية بفاعلية.
أعزاءنا القرّاء سنعرض لكم فيديو، يوضح مثالًا على تطبيق استراتيجية التعلم التعاوني (Cooperative Leering) في الغرفة الصفية، عند مشاهدة الفيديو تأملوا الأمور الآتية:
آلية تطبيق استراتيجية التعلم التعاوني.
الأنشطة الصفية المستخدمة مع الطلبة.
طريقة توزيع مقاعد الطلبة وطريقة جلوسهم أثناء الحصة الصفية.
جاهزون… بإمكانكم النقر على الفيديو الموجود في قناة Teach for Life.
إذا أعجبكم الفيديو لا تنسوا أن تحتفظوا به وتشاركوه مع زملائكم للاستفادة منه والرجوع إليه عند تطبيق التعلم التعاوني في غرفكم الصفية.
اعتبارات مهمة عند تطبيق التعلم التعاوني
من المهم عند تطبيق استراتيجية التعلم التعاوني الأخذ بالاعتبارات الآتية:
طبيعة المهمات: تُقسّم مهمات العمل التعاونية إلى نوعين أساسيين هما:
مهمات قصيرة المدى: يتم إنجازها من قبل أفراد المجموعة خلال حصة صفية واحدة، وهي مهام محددة بشكل واضح من حيث المطلوب وزمن التنفيذ وأدوار أفراد المجموعة، ومن الأمثلة عليها: مهمات تطبيق محتوى الدرس، حل مشاكل بسيطة، تمثيل نموذج، رسم بياني.
مهمات طويلة المدى: يتم إنجازها من قبل أفراد المجموعة خلال أسبوع إلى عدّة أسابيع، وتُمثّل مهام تحتاج إلى وقت طويل كإعداد تقرير أو حل مشكلة معقّدة أو كتابة بحث، يقوم الطلبة من خلالها بالتعاون وتوزيع الأدوار والعمل على المهمات المختلفة.
تعيين الطلبة في المجموعات: توزيع الطلبة في المجموعات مع مراعاة التنويع في مستويات أفراد المجموعة الواحدة، بالإضافة إلى عدد أفراد المجموعة الواحدة حيث لا يقل عن ثلاثة أفراد ولا يتجاوز ستة أفراد، لتتوزع الأدوار على جميع أفراد المجموعة حيث لا يكون هناك طلبة سلبيين أو غير فعّالين في المجموعة.
تشجيع مُلكية الطلبة للمهمة: عندما تكون مُشاركة الطلبة في العمل داخل المجموعات، ومُناقشتهم للمهمات وعملهم معاً من خلال أداء أدوار محددة لكل فرد يُعزّز هذا الأمر من مُلكية الطلبة لما يقومون به من مهام ويُساهم في ترسيخ أثر التعلّم.
الاعتبارات الشخصيّة: يجب أن يمتلك الطلبة مهارات التعامل مع الآخرين والمهارات الاجتماعية التي تُساعد على نجاح العمل التعاوني.
التقييم والمُتابعة: يجب متابعة عمل الطلبة ضمن مجموعاتهم وتقييمهم بشكل مستمر، باستخدام أدوات تقويم مُناسبة، مع استخدام التعزيز المستمر لإثارة الدافعيّة. يُمكن تفعيل التقويم الذاتي من قبل الطلبة ويجب التركيز على تقييم الطلبة بشكل فردي بما يضمن العدالة بين الجميع.
لا تنسوا أن التعليم الجيد يركز على بناء علاقات إيجابية مع الطلبة لبناء مجتمع تعلم فعال، فاستراتيجيات التدريس الحديثة ومنها التعلم التعاوني هي وسائل مساعدة لتقديم تجارب تعليمية تعلمية أفضل، فالمعلم أو المعلمة الذين يخصصون وقت وجهد لبناء علاقات إيجابية مع الطلبة سيُحفرون بذاكرة طلبتهم للأبد. يمكنكم قراءة المزيد من المقالات المتعلقة باستراتيجيات التدريس الحديثة عبر مدونتنا كالآتي: