تدريب الزملاء Peer Coaching

تدريب الزملاء Peer Coaching

تتعدد الأساليب التي يستطيع المعلمون تطوير أنفسهم من خلالها فهناك مثلًا المشاركة في الدورات التدريبية وحضور الندوات والمؤتمرات التربوية أو متابعة المجلات المتخصصة إلى غيرها من الطرق ولكن نادرًا ما يلتفت المعلمون حولهم للاستفادة من مخزون الكفاءات والمهارات والخبرات الموجودة في مدارسهم، حيث أنهم ببساطة يستطيعون تطوير وتحسين أدائهم بالاستفادة من زملائهم في المدرسة بحيث يمكن الاستفادة من زملاء مهنتهم من خلال التواصل فيما بينهم للمناقشة والمساعدة في التخطيط ومعرفة كيفية تنفيذ الدروس وذلك من خلال التفكير والتأمل وتبادل الزيارات الصفية ودراسة الصعوبات التي تعترضهم وتقديم المقترحات والتغذية الراجعة الفورية والمستمرة. 

من هنا نتناول أسلوب في التدريب يُعرف بتدريب الزملاء (Peer Coaching) فما المقصود به وما هي مميزاته وما الأهداف التي يؤدي إلى تحقيقها وما هي المواصفات اللازمة له ليكون تدريبًا فعالًا؟

هذا المقال يجيبكم عن هذه الأسئلة.

مفهوم تدريب الزملاء

عرفه أكلاند (Ackland) بأنه إجراء يقوم به فريق من المعلمين لملاحظة زملائهم المعلمين باستمرار وتقديم الدعم والزمالة والتغذية الراجعة لهم. ولقد استخدم هذا الأسلوب في تدريبات المعلمين أثناء الخدمة منذ بداية الثمانينيات فبالرغم من شيوع أوجه التعاون والمساعدة بين المعلمين  إلا أن أول من التفت إلى أهمية ذلك التعاون ودوره في تطوير المعلمين هما التربويتان شاورز وجويس (Showers and Joyce). ففي السبعينيات من القرن العشرين، لاحظ المربون أنه بالرغم من المحاولات الجادة لتدريب المعلمين أثناء الخدمة لتعلم مهارات جديدة وتطبيقها في المدارس، إلا أن التدريب لا يحقق النجاح المتوقع، لذلك اقترحت جويس وشاورز النمذجة والمحاكاة والتدريب في الصفوف الدراسية مع تقديم التغذية الراجعة؛ أي أن المعلم يحتاج إلى تلقي العون والمساعدة وهو داخل غرفته الصفية من زملاءه المعلمين. افترضت جويس وشاورز أن التدريب وحده لا يكفي بل يجب أن يلازمه التوجيه للحصول على نتائج أفضل. وقد أثبتت دراساتهما بعد ذلك أن المعلمين الذين حظوا بتوجيه ومشاركة في التخطيط للتدريس استطاعوا تطبيق المهارات والأساليب الجديدة بشكل أفضل من زملائهم الذين لم يحصلوا على تدريب وتوجيه لذلك أوصتا بالاهتمام بما يعرف بـ (زمالة المتدربين) بمعنى تشكيل فرق داخلية لتوجيه وتدريب المعلمين.

مزايا أسلوب تدريب الزملاء 

  • يساهم في نقل المهارات والاستراتيجيات الجديدة إلى أرض الواقع وتطبيقها في الصفوف الدراسية عن طريق استعادة وتذكر هذه المهارات بين الزملاء المعلمين وكذلك تعلم استراتيجيات جديدة.
  • يقلل من العزلة بين المعلمين ويقوي الدعم والزمالة بينهم حيث يعزز التعاون والمشاركة في الأفكار والأساليب الفعالة ويبني ثقافة العمل التعاوني ويساعد المعلمون على تبادل الخبرات والأفكار والقصص الناجحة ومناقشة قضايا التدريس.
  • يساعد على تطوير المعلمين الجدد وتأقلمهم مع التجارب التعليمية في المدرسة. 
  • يؤسس لنوع جديد من المعلمين في المدرسة كباحثين في شؤون التدريس ودارسين لقضايا التعليم.
  • يعود المعلمين على الممارسة التأملية في التدريس.
  • يساهم في توفير الوقت والجهد للمعلمين في ظل توفر المشاركة مع الزملاء في التخطيط للدروس وتقديم تغذية راجعة تعليمية فردية.
  • يعتبر وسيلة دعم ومساعدة للزملاء بالذات للمعلمين الجدد والمعلمين المبتدئين.

أهداف تدريب الزملاء

يهدف تدريب الزملاء إلى:

  1. التدريب على المهارات التدريسية.
  2. التدريب على طريق مواجهة المشكلات التي قد تواجه المعلمون أثناء تدريسهم للطلبة.
  3. التدريب على تقديم واستقبال التغذية الراجعة.
  4. تعزيز العمل التعاوني بين المعلمين لأن تدريب الزملاء يعزز فرص العمل معاً. 

أشكال تدريب الزملاء

يمكن القول إن جميع برامج تدريب الزملاء تتخذ أحد الشكلين الآتيين:

أولاً: التدريب عن طريق الخبير

حيث يقوم المعلم/ـة المتميز/ة بتقديم المساعدة لمعلم/ـة آخر/ى، وأحياناً يقوم المعلمون من ذوي الخبرة في التدريس بتدريب المعلمين حديثي الخبرة؛ وكذلك قد يحضر أحد المعلمين الأساسيين الدورات التدريبية ليفيد الآخرين في مدرسته، وهذا النوع من التدريب موجود في بعض المدارس تحت مسمى المعلم الداعم أو الموجه.

ثانيًا: التدريب التبادلي 

حيث يتبادل المعلمون الأدوار، فمرة يقومون بالتدريس أمام زملائهم ومرة أخرى يقومون بملاحظة زملائهم في التدريس فيتعلمون الاستراتيجيات سويًا من خلال ملاحظة بعضهم البعض والتعليق البنّاء ويكون التدريب التبادلي بين اثنين أو ثلاثة من الزملاء أو مجموعة تقدم التغذية الراجعة لأحد المعلمين ويشجع هذا على استفادة وتعلم المعلمين من بعضهم البعض، الأمر يشبه التعلم من خلال الأقران.

والآن لننتقل معًا إلى الجزء الأكثر أهمية في هذا المقال وهو: 

مواصفات تدريب الزملاء الفعال

مما لا شك فيه أن المعلمون يتعلمون من بعضهم البعض بطرق عديدة فهم يتعلمون عندما يجلسون معًا ويناقشون في أمور المدرسة الهامة وعندما يتشاركون المعارف والمعلومات التي يحصلون عليها أو عندما يشاهدون عمل طلبتهم ويناقشونه؛ بمعنى أن التعاون بين الزملاء يحدث باستمرار بشكل غير رسمي خلال أيام عملهم إلا أنه يعطي نتائج جيدة، ولكن إذا أردنا لهذا التعاون أن يصبح جزءًا من ثقافة المدرسة وينتشر بين المعلمين فإنه يجب تفعيله بشكل رسمي وذلك من خلال الآتي: 

  • تحديد الهدف من تدريب الزملاء: أي تحديد نوع التدريب المقصود تطبيقه، فهل المقصود هو التدريب على مهارات تدريسية معينة أو حل مشكلة تواجه المدرسة أو التدريب لتحسين مستوى التدريس في المدرسة أو معرفة كيفية التعامل مع مشاكل الطلبة. 
  • تحديد التخصصات المستهدفة من تدريب الزملاء: بمعنى إذا كان تدريب الزملاء يستهدف المعلمين من نفس التخصص أو من تخصصات مختلفة.
  • تقديم تدريب يؤهل المعلمين لنجاح تدريب الزملاء: فالرغبة في التعاون قد لا تكفي لوحدها وإنما يحتاج المعلمون إلى اتباع الخطوات اللازمة للتعاون مثل عقد اجتماعات قبل ملاحظة التدريس وبعد الملاحظة واتباع استراتيجيات وتكنيكات خلال تلك الاجتماعات مثل تحديد صعوبات التدريس وتقديم التغذية الراجعة وغيرها.
  • تقدير واهتمام إدارة المدرسة بأسلوب تدريب الزملاء: إن اهتمام المدرسة يعد أحد الأساليب الفعالة للتطوير حيث إن تفهم الإدارة لطبيعة التدريب ومتطلباته يساعد على تنفيذ إجراءات التدريب.
  • بناء الثقة بين المعلمين: من خلال الفصل بشكل واضح بين تدريب الزملاء وتقييم المعلمين والابتعاد عن التغذية الراجعة اللفظية ذات طابع التقييم وتعزيز العلاقات بين المعلمين.
  • تقديم حوافز للمشاركة في التدريب: فطبيعة التدريب كما ذكرنا تطوعية وليست إلزامية.

أشارت العديد من الدراسات منها دراسة روبنز (Robbins) إلى مزايا أسلوب تدريب الزملاء وإمكانية الاستفادة منه في تطوير أداء المعلمين حيث أكدت الدراسة أن المعلمين الذين استخدموا أسلوب تدريب الزملاء يشعُرون بتحسن سواءً في النمو المهني أو القدرة على تحليل المناهج  والفهم الأمثل لتعليم وتعلم الطلبة والتمكن الأفضل من طرق التدريس وزيادة الشعور بالفاعلية الذاتية في مجتمعات التعلم المهنية والوصول إلى زمالة أقوى مع زملائهم وتحسن في الأداء الوظيفي وفي مستوى الطلبة، وتقديم مناهج مترابطة بشكل أفضل، والشعور ببيئة مدرسية متماسكة وبمناخ مدرسي إيجابي. إلا أننا نجد غيابًا لهذا الأسلوب في الكثير من مدارسنا؛ ربما يكون السبب هو الجهل به كأحد الطرق التي تساعد المعلمين وتعينهم على أداء دورهم التربوي المطلوب لذلك عليكم أعزاءنا المعلمين  الاستفادة من فرصة تبادل الخبرات مع زملائكم  و مشاركة المعرفة والفائدة فيما بينكم فتدريب الزملاء مهم لتطوير ورفع مهاراتكم بالإضافة لكونه منفعة متبادلة  لا غنى لكم عنها في مدارسكم.

المراجع +

الكلمات الدلالية

أحدث المواضيع